الرباط _ المغرب اليوم
نبهت العديد من الفعاليات المدنية بالجنوب الشرقي إلى الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية المترتبة عن اندلاع الحرائق بالمجالات الواحية، لافتة إلى تنامي معدلات الهجرة في صفوف العائلات بسبب فقدان الأهالي مورد الرزق الأساسي المتمثل في أشجار النخيل.
ونشبت الكثير من الحرائق، طيلة الأسابيع الماضية، في مجموعة من الواحات الواقعة بجهة درعة-تافيلالت، آخرها الحريق الذي التهم أزيد من 14 كيلومترا من المجال الواحي بالرشيدية؛ الأمر الذي خلف خسائر فادحة بالنسبة إلى الفلاحين القاطنين بالقصور المجاورة للواحة.
وأشارت شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي إلى “النزيف الديمغرافي الخطير” الذي تعرفه المنطقة في ظل ارتفاع معدل الحرائق، داعية السلطات إلى “التدخل العاجل للتخفيف عن المتضررين باعتماد مقاربة جبر الضرر؛ وذلك بتعويض الفلاحين”.
وطالب النسيج الجمعوي بـ”إنجاز برامج مندمجة في الواحة، والقيام بتنقية شاملة للأعشاش، وترسيخ مقاربة تنموية محورها الإنسان”، مؤكدا أهمية “القيام بحملات تحسيسية وسط السكان للتوعية بمخاطر التغيرات المناخية، فضلا عن ضرورة تجهيز المنطقة بوحدات حديثة لإخماد الحرائق”.
وفي هذا الإطار، قال عبد الله سهير، رئيس شبكة الجمعيات التنموية بواحات الجنوب الشرقي، إن “أسباب الحرائق متفاوتة؛ لكن يمكن إرجاعها إلى المعطيات الطبيعية الناتجة عن التغيرات المناخية، لأن الواحات عبارة عن منظومة إيكولوجية هشة تتأثر ببساطة بتلك التحولات”.
وأضاف سهير، أن “عوامل اندلاع الحرائق مهيأة كذلك بالواحات نتيجة الإهمال البشري”، موضحا أن “العائلات لم تعد تعتمد على المنتوج الفلاحي بشكل أساسي لتدبير أمور العيش، وإنما صارت تعول على عائدات الأبناء المشتغلين خارج الواحة”.
وأورد الفاعل المدني أن “الأنشطة الفلاحية لم تعد جاذبة للشباب؛ ما يفسر غياب الاهتمام الكافي بالحقول في المنطقة، حيث لا يتم تشذيب النخل ولا إزالة الجريد اليابس ولا تنقية الأعشاش بالشكل المطلوب؛ ما يؤدي إلى اندلاع الحرائق بمجرد ارتفاع درجات الحرارة”.
انطلاقا من ذلك، دعا المتحدث إلى “خلق الوعي البيئي لدى الساكنة، بالموازاة مع توفير آليات إخماد الحرائق بالقرب من الواحات”، محذرا من “إفراغ القصور المجاورة للواحات من السكان بفعل الحرائق المتتالية التي تشهدها المنطقة؛ ما سيطرح إشكالات ديمغرافية كبيرة في المستقبل”.
وحول التدخلات الاستباقية للسلطات العمومية بواحات درعة-تافيلالت، أفاد مصدر مسؤول داخل الوكالة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان بالجهة بأن “فرق التدخل استطاعت السيطرة على الحريق الأخير الذي شهدته واحة أوفوس، على الرغم من الظروف الصعبة”.
وأبرز المسؤول ذاته أن “الرياح القوية التي وصلت إلى 55 كيلومترا في الساعة أججت نيران الحريق”، مؤكدا أن الوكالة سالفة الذكر “اعتمدت خطة استباقية لحماية الواحات من الحرائق منذ سنوات، لا سيما بواحة أولاد شاكر التي تندرج ضمن التراث العالمي”.
وأكد المصدر عينه أن “حريق قصر البلاغمة بمدينة الرشيدية سنة 2019 دفع السلطات العمومية إلى إطلاق تهيئة شاملة للواحات بالجهة، بتنسيق مع جميع المصالح المعنية؛ وهي الخطوة التي يتم تنفيذها لأول مرة بالمنطقة”، مشيرا إلى “تنظيم حملات تحسيسية منذ سنة 2015 في صفوف الساكنة، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات زجرية في حق المخالفين”.
قد يهمك ايضا
اندلاع حريق كبير داخل مستودع بلاستيك في دبي
الجهود تتواصل لإخماد حريق الراشيدية والرياح القوية تزيد الوضع سوءا