الجزائر - عمّـــار قـــردود
تعرّض عدد من سفراء الدول الغربية المعتمدين في الجزائر في ظرف شهر واحد، إلى حوادث إعتداءات وسرقات متعددة وفي أماكن مختلفة، وهو الأمر الذي يطرح تساؤلات مشروعة حول جدوى الحماية الأمنية في السفارات والقنصليات الأجنبية، وتأمين السفراء والقناصلة في الجزائر، فقد تمكنت مصالح الدرك الجزائري من استرجاع سيارة السفير المكسيكي، المعتمد بالجزائر"جيان جوزي غونزاليس ميغاريس"، بعد نصف ساعة من سرقتها من شاطئ الجميلة بعين البنيان، غرب العاصمة الجزائرية، الجمعة، وتم توقيف المتهمين بالسطو على سيارة سفير المكسيك في الجزائر وسرقتها في أحد أحياء بلدية عين بنيان في ظرف وجيز جدًا، من طرف قوات الدرك الجزائري.
وقبل ذلك تعرض في شهر رمضان الماضي، سفير جمهورية الفيتنام بالجزائر "فام كوك ترو"، إلى اعتداء من طرف شاب جزائري، بعد أن قام الأخير بسرقة هاتفه النقال، بالقرب من أحد الفنادق بولاية وهران.و أنه و بمجرد إبلاغ مصالح الأمن الجزائرية التي تدخلت فورًا وشرعت في عمليات بحث سريعة أفضت إلى توقيف الجاني واسترجاع الهاتف النقال الخاص بالسفير الفيتنامي، الذي أكدت مصادر مطلعة عدم تعرضه إلى أي أذى جسدي أو إصابات بليغة ما باستثناء خدوش بسيطة على مستوى يده اليمنى.و لم تصدر السفارة الفيتنامية لحد اليوم أي بيان حول الحادثة ربما لاعتقادها أنها مجرد حادث عارض، ومن جهته، قرر السفير الفيتنامي بالجزائر، مغادرة وهران بإتجاه الجزائر العاصمة مباشرة بعد تلك الحادثة، ومن المتوقع أن يمثل الجاني، السبت، أمام الجهة القضائية المختصة بعد توقيفه في حالة تلبس بجريمة السرقة فضلاً على اعتداءه على السفير الفيتنامي.
كما ألقت مصالح الضبطية القضائية القبض على شاب جزائري في العقد الثالث من العمر، تسبب في حالة استنفار أمني قصوى، خلال شهر رمضان المنقضي، بعدما تهجم على مقر السفارة الأميركية في الجزائر، محاولاً اقتحامها عنوة، موجهًا لموظفي السفارة عبارات تهديدية، بسبب رفضهم منحه تأشيرة السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية، كما أقدم المتهم على نشر صورة السفيرة الأميركية في الجزائر "جوان بولاشاك"بشكل مسيئ ومهين لشخصها، مستعملاً صورة لـ"كلب" على وجهها، وهي الصورة التي تداولها عدد من الجزائريين على موقع التواصل الاجتماعي "الفيسبوك".
وكشفت مصادر ديبلوماسية متطابقة لــ"العرب اليوم" أن ممثلي السلك الديبلوماسي في الجزائر قد عبروا عن قلقهم العميق من الاعتداءات التي باتت تطال،في الآونة الأخيرة، بعض السفراء في الجزائر، و بحسب ذات المصادر فإن ممثلي السلك الديبلوماسي في الجزائر قد طالبوا بتشديد الحماية الأمنية على مستوى مقار السفارات و القنصليات و تأمين أكثر حزمًا وصرامة للسفراء والقناصلة و ذلك وفقًا لاتفاقية حماية الديبلوماسيين،التي تقضي بمنع ومعاقبة الجرائم المرتكبة، ضد الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بمن فيهم الموظفين الدبلوماسيين، وهي معاهدة تابعة للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، الذي يقنن بعض المبادئ التقليدية على ضرورة حماية الدبلوماسيين.
من جهته أبدى مصدر ديبلوماسي جزائري -رفض الكشف عن اسمه- في تصريح مقتضب لــ"العرب اليوم"، حرص السلطات الجزائرية الشديد على حماية السفراء و البعثات الديبلوماسية بالجزائر،مهونًا من حادثة تعرض سفير الفيتنام بالجزائر إلى اعتداء بالسلاح الأبيض و اقتحام جزائري لمقر السفارة الأميركية وتهديده لسفيرة الولايات المتحدة في الجزائر، وقال إن "هذه الحوادث تبقى معزولة وأن كل شيء على ما يرام و لا يستدعي كل هذا التهويل"، و أضاف:" أنه وبالتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية المختصة، تؤكد الجزائر حرصها العميق على توفير الحماية اللازمة للبعثات الديبلوماسية العربية والأجنبية العاملة في الجزائر، و بما يمكنها من أداء مهامها بالشكل المطلوب".
و نشير إلى أن وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية لم يُصدر عنها أي بيان بخصوص حوادث سرقة سيارة السفير الميكسيكي بالجزائر و الاعتداء على السفير الفيتنامي بالجزائر و اقتحام السفارة الإمريكية و تهديد سفيرة الولايات المتحدة في الجزائر، هذا و تنص المادة رقم 29 من اتفاقية فينا للعلاقات الدبلوماسية عام 1961، على:"لشخص الممثل الدبلوماسي حرمة – فلا يجوز بأي شكل القبض عليه أو حجزه – وعلى الدولة المعتمد لديها أن تعامله بالاحترام اللازم له، وعليها أن تتخذ الوسائل المعقولة لمنع الاعتداء على شخصه، أو على حريته أو على اعتباره".
كما تنص المادة رقم 30 على: "يتمتع المسكن الخاص للمثل الدبلوماسي بنفس الحرمة والحماية اللتين تتمتع بهما مباني البعثة"، وتشمل الحرمة مستنداته ومراسلاته – وكذلك أيضاً متعلقات الممثل الدبلوماسي مع مراعاة ما جاء بالبند (3) من المادة (31)"، فيما تنص المادة رقم 22 من ذات الاتفاقية على: "تتمتع مباني البعثة بالحرمة. وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة إلا إذا وافق على ذلك رئيس البعثة.
على الدولة المعتمد لديها التزام خاص باتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع اقتحام أو الإضرار بمباني البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب أو من الحطّ من كرامتها، ولا يجوز أن تكون مباني البعثة أو مفروشاتها أو كل ما يوجد فيها من أشياء أو كافة وسائل النقل، عرضة للاستيلاء أو التفتيش أو الحجز لأي إجراء تنفيذي.
كما تم اعتماد اتفاقية دولية لحماية الديبلوماسيين و اعتمدت الاتفاقية بمثابة قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، في 14 ديسمبر/كانون أول 1973 ردًا على سلسلة من عمليات خطف وقتل الدبلوماسيين بدءا عقد 1960، وتمت صياغته من قبل لجنة القانون الدولي الذي بدأ العمل به في عام 1971، واعتمدت في غضون عامين وكانت سريعة بشكل استثنائي وفقًا للمعايير مؤتمر العمل الدولي.
وتتفق الأطراف في الاتفاقية على تجريم ارتكاب جرائم قتل أو خطف الأشخاص المحميين دوليًا، فضلًا عن هجمات عنيفة ضد المباني الرسمية والسكن الخاص ووسائل النقل من هؤلاء الأشخاص، وتتفق الأطراف في الاتفاقية أيضًا على تجريم محاولة ارتكاب أو التهديد بهذه الأفعال. "الأشخاص المحميين دوليًا" هو مصطلح أنشأته الاتفاقية ويشير صراحة إلى رؤساء الدول ورؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والسفراء والدبلوماسيين الرسميين الآخرين وأفراد أسرهم.
الحكم المركزي من الاتفاقية هو مبدأ التسليم أو المحاكمة للدول الأطراف في المعاهدة حيث يجب إما: مقاضاة الشخص الذي يرتكب جريمة ضد شخص محمي دوليًا، إرسال شخص إلى دولة أخرى طلبته أو تسليمه لها لمحاكمته عن الجريمة نفسها، وبحلول نهاية عام 1974 تم التوقيع على الاتفاقية من قبل 25 دولة ودخلت حيز التنفيذ في 20 فبراير/شباط1977 بعد أن تم التصديق عليها من قبل 22 دولة، اعتبارًا من 1 جانفي 2015 تم التصديق عليها من قبل 178 دولة، منها 175 دولة عضو في الأمم المتحدة بالإضافة إلى الكرسي الرسولي ونييوي وفلسطين.