الجزائر - المغرب اليوم
تبادل الجنرالان الجزائريان المتقاعدان خالد نزار ومحمد بتشين التهم والتهديدات بكشف حقائق فاضحة في جدل يتوقع أن ينضم إليه جنرالات آخرون في الأيام المقبلة،.وطاول الجدل ما أثير عن عرض الجيش رئاسة البلاد على الراحل حسين أيت أحمد بعد توقيف المسار الانتخابي بداية 1992.
وتحوّل نزار وبتشين اللذان شاركا في صنع القرار في مرحلة "العشرية السوداء" في الجزائر، حديث الساعة هذا الأسبوع. وظهر نزار على الإعلام ثلاث مرات في 24 ساعة، لنفي عرضه الرئاسة على أيت أحمد، زعيم "جبهة القوى الإشتراكية" الذي توفي نهاية الشهر الماضي. غير أن مداخلات الجنرال المتقاعد، أتخذت منعطفًا آخر بخوضه في ملفات "حساسّة" تتعلق بفترة التسعينات ودور "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة.
وفي آخر مؤتمراته الصحافية الثلاثة، نفى نزار ليل السبت، مسؤوليته عن ملف المفقودين خلال الأزمة الأمنية التي عصفت بالبلاد في تسعينات القرن الماضي، مقدرًا عدد ضحايا تلك المرحلة بـ50 ألف قتيل، داحضًا الرواية الرسمية التي قدرت عددهم بما يراوح بين 150 ألفاً و200 ألف، كما نفى وجود سجون سرية في الجزائر.
وأبدى نزار الذي كان وزيراً للدفاع بداية التسعينات، اسفه لسقوط ضحايا في أعقاب إلغاء المسار الانتخابي، معلناً استعداده للخضوع لمحاسبة كـ «عسكري»، وحاول أن يبعد أي شبهة عن الجيش في الإخفاقات التي عرفتها الجزائر مع التعددية السياسية، بتحميله المسؤولية لمن تولوا زمام الأمور منذ بدايات الاستقلال. وقال إن «العسكر لا يتحمل مسؤولية من اخفق عام 1962» مضيفاً: «إنه لو بدأنا بداية صحيحة لكان بالإمكان قطع الحبل السري مع فرنسا».
وفوجئ خالد نزار بخروج الجنرال المتقاعد بتشين، عن صمته، لدحض روايته، علماً ان بتشين رجل نافذ في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد، ورأس لفترة جهاز الاستخبارات، كما كان مسؤولاً نافذاً في رئاسة الجمهورية في فترة الرئيس السابق الأمين زورال.
وفي رده على تصريحات نزار، أكد بتشين أن الجيش عرض رئاسة الجزائر على حسين أيت أحمد خلال وجوده في سويسرا، وقال بتشين أنه كان مؤيداً لهذا العرض.
وكشفت تصريحات الجنرالين عن خلاف عميق بينهما. وصادف أن هذا الكشف تزامن مع ذكرى استقالة الشاذلي بن جديد من الرئاسة عام 1992.
وقال بتشين في عرضه الملابسات التي سبقت استقالة الشاذلي: «رفعت اليه تقريراً خطراً وحساساً جداً ما زلت أحتفظ بنسخة منه، ويتعلق بالوضع الذي كان سائداً آنذاك». وتابع «طالبته شخصياً بعقد اجتماع طارئ يضم قادة الدولة وهم 11 شخصية، للبحث عن حلول وتفادي الكارثة، إلا أنهم لم يأخذوا بالحلول ولا بالاحتياطات... وسأكشف تفاصيل التقرير لاحقاً»، في حين ان خالد نزار تحدث عن استقالة الشاذلي باعتبارها كانت «طوعية».
وفي محاولة لاستدعاء تأييد لكلامه، كشف نزار أن ثالث أبرز جنرالات الجزائر في «عشرية» التسعينات محمد تواتي سيظهر على الاعلام في الايام المقبلة لكشف اسرار. وتوقع مراقبون تصاعد السجالات بين الجنرالات، خصوصاً ان تواتي كان من النافذين ايام زروال واستعاد شيئاً من دوره في عهد الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة قبل استبعاده مجدداً في التغييرات الأخيرة.