وجدة - كمال لمريني
تحل اليوم الذكرى الثالثة على إعتقال (6) نشطاء في المدينة، الذين جرى إيداعهم في السجن المحلي في الناظور رهن الإعتقال الإحتياطي، في الوقت الذي رفضت الهيئة القضائية المكلفة بالملف تمتيعهم بالسراح المؤقت، الشيء الذي جعل فعاليات المجتمع المدني السياسي، الحقوقي والنقابي، تلتئم وتتأطر في لجنة المتابعة المحلية لمعتقلي (2)آذار/ مارس.
(2) آذار (2013)
في اليوم الثاني من آذار/مارس من العام (2013)، كانت الساعة تشير إلى التاسعة صباحا، حيث إنتشر داخل أوساط سكان المدينة خبر اختطاف الناشط "حميد الكوراري" على متن سيارة سوداء من أمام محطة "تاكسيات الناظور"، الشيء الذي دفع برفاقه إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام مفوضية الشرطة في المدينة، من أجل المطالبة بالكشف عن مكان "الكوراري"، إلا أن السلطات لم تكشف عن مكان تواجده، و قامت في صبيحة ذات اليوم من إعتقال كل من "محمد الصالحي، رشيد البغدادي، محمد ابغي".
وفي حدود الساعة الثانية والنصف زوالا، قامت عناصر من الشرطة القضائية باعتقال كل من "محمد اليبدري، و سعيد العايلي"، وبعدها بدأ السكان تتوافدون على مفوضية الشرطة في المدنية لمعرفة ما ذا يحدث وماذا يقع، في حين تشكلت اللجنة المحلية لمعتقلي الثاني من آذار/مارس، وفي حدود الساعة السابعة والنصف اجتمعت اللجنة مع باشا المدينة ورئيس المنطقة الأمنية بالناظور، وبعض المسؤولين، في مكتب رئيس مفوضية الشرطة في زايو، للاحتجاج عن طبيعة الاعتقال الذي وصفوه ب"التعسفي"، غير أن المسؤول الأمني في الناظور، وعد اللجنة على أساس زيارة المعتقلين ، وهو الوعد الذي لم يتحقق منه أي شيء.
ومباشرة بعد عودة اللجنة من مدينة الناظور إلى المدينة، قال عضو لجنة المتابعة إبراهيم العبدلاوي في تصريحه "نرفض أي حوار مغشوش"، وأصدرت اللجنة بيانًا جاء فيه "إدانة عدم الالتزام بالوعود"، وبعدها بدأ السكان يتهيؤون إلى الخروج في أشكال إحتجاجية على أمل المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، فيما كانت الأخبار التي تصلنا من السجن تفيد أن المعتقلين دخلوا في إضراب عن الطعام أطلقوا عليه شعار :"الحرية أو الاستشهاد".
احتجاجات داخل المدينة
"الشعب يريد سراح المعتقل، المعتقل خلا وصية لا تنازل عن قضية، من اجلنا اعتقلوا لأجلهم نناضل، المعتقل إرتاح - إرتاح سنواصل الكفاح..."، كانت هذه الشعارات تصدح بها حناجر المحتجين الذين خرجوا في مسيرات إحتجاجية قدرت بالآلاف تتقدمها أمهات المعتقلين اللواتي صدحن بـ"الزغاريد" انسجاما والشعار المرفوع "أم المعتقل زغردي كل الشباب أبناؤك".
وجابت الاحتجاجات مختلف الشوارع الرئيسية في المدينة، رافعين صورا للمعتقلين ومطالبين بإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط، فيما طالبت لجنة المتابعة المحلية لدعم معتقلي الثاني من آذار/مارس، بإيفاد لجنة مركزية للتحقيق في ما وقع في زايو ومتابعة كل المتورطين باعتبار التجاوزات خطيرة : حالة اختطاف ،(6) معتقلين، و استعمال القوة المفرطة في حق مواطنين وإعلاميين وحقوقيين، مع تحميل وزير العدل كامل المسؤولية بخصوص الخروقات التي عرفها ملف معتقلي الثاني من آذار/مارس بأسوأ محكمة في المغرب على حد وصفه لها في زيارته الأخيرة للإقليم.
ووصلت ذروة الاحتجاجات إلى حد الإعلان عن إضراب عام في المدينة، بلغت نسبة نجاحه (90) في المائة، بالإضافة إلى تنظيم مسيرة احتجاجية وصفت ب"السابقة من نوعها"، حيث عرفت متابعة إعلامية دولية من طرف "قناة الجزيرة" و "قناة فرانس 24" و"ووكالة الأنباء الفرنسية"، وشكلت مادة دسمة إلى مختلف اليوميات الوطنية.
إطلاق سراح المعتقلين
في اليوم الـ (12)من شهر آذار/ مارس (2013)، احتشد المئات من المواطنين أمام المحكمة الابتدائية في الناظور، و نظموا وقفة احتجاجية دعوا من خلالها إلى وقف ما وصفوه بـ"المحاكمات الصورية" وإطلاق سراح المعتقلين، قبل إنطلاق جلسة المحاكمة.
وعرفت إحدى قاعات المحكمة الابتدائية التي مثل فيها المعتقلين أمام الهيئة القضائية حضورا قويا حيث عجت بالمواطنين، فيما رفعت شعارات من قبل:" سننتصر ونكسر قيود الرجعية سننتصر ونشيد قلاع الحرية"، في حين استنطقت الهيئة القضائية المعتقلين، حيث هناك من تمسك بمواقفه التي عبر في الشارع وهناك من نكر واستنكر وزاد في إنكاره، فيما قررت النيابة العامة تمتيعهم بالسراح المؤقت.
وفي حدود الساعة السادسة مساء، تم الإفراج عن المعتقلين من داخل السجن المدني في الناظور، حيث تم استقبالهم استقبال الأبطال، حيث اتجهوا نحو مقر الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، التي كان يحتشد فيه المئات من المواطنين، وعائلات المعتقلين، الذين استقبلوهم بحفاوة ورفعوا شارات النصر في وجوههم وإعلان الانتصار.
وبالرغم من مرور (3) سنوات، على إعتقال كل من "رشيد البغدادي، حميد الكوراري، محمد الصالحي، محمد اليبدري، محمد ابغي، سعيد العايلي،" إلا أن المحكمة الابتدائية لم تصدر حكمها بعد، حيث يتابع الأظناء أمامها من اجل "اهانة موظفين عموميين أثناء القيام بمهامهم واستعمال العنف في حقهم، "العصيان والتهديد"، إهانة هيئة منظمة، التجمهر غير المرخص، مقاومة إعتقال أمرت به السلطة العامة، إلحاق الضرر بمنقول الغير، إحداث اضطراب من شأنه المساس والوقار بالمسجد" كل وفق المنسوب إليه.