الجزائر ـ كمال السليمي
يستضيف حزب “جبهة التحرير الوطني”، حزب الغالبية في الجزائر، غداً الأربعاء، اجتماعاً يحضره أمينه العام جمال ولد عباس وزعيم النقابة المركزية عبد المجيد سيدي السعيد وزعيم منظمة رجال الأعمال علي حداد. ويأتي ذلك بعد اجتماع مماثل جمع رئيس الوزراء أحمد أويحيى مع حداد وسيدي السعيد في مقر النقابة المركزية في 23 ديسمبر (كانون الأول) الماضي لبحث “شراكة بين القطاعين العام والخاص” وسُمّي اللقاء بـ”الثلاثية”. ورأى بعض الأوساط في الجزائر أن الاجتماع الجديد غداً يمكن أن يشكّل تشويشاً على رئيس الوزراء على خلفية إشكالية الخصخصة التي قد تطال شركات حكومية.
وقالت مصادر سياسية جزائرية إن قيادة “جبهة التحرير” أجرت اتصالات لإقناع سيدي السعيد وحداد بقبول تنظيم “ثلاثية موازية” في مقر “الجبهة”، في خطوة فسّرها بعض المصادر بأنها موجهة ضد أويحيى لسببين، الأول أن لديه “طموحاً” مزعوماً لخلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الحكم. والثاني أنه يريد خصخصة شركات حكومية تعاني من مشاكل مالية في إطار مواجهة أزمة حدة أفرزها انخفاض أسعار النفط. ويقود أويحيى حزب “التجمع الوطني الديمقراطي”، ثاني أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان الجزائري، وراج اسمه أخيراً بوصفه مرشحاً جدياً لخلافة بوتفليقة في انتخابات الرئاسة عام 2019.
وأكّد زعيم “جبهة التحرير” جمال ولد عباس في مهرجان حزبي في غرب البلاد، أول من أمس، إنه يعارض مسعى الخصخصة. كما نُقل عن ولد عباس قوله لسيدي السعيد، في اتصال هاتفي، إنه مستاء من عدم دعوته لـحضور “الثلاثية” التي عقدت في مقر النقابة المركزية الشهر الماضي، فردَ عليه النقابي، الموالي للرئيس بوتفليقة، بأن الاجتماع كان رسمياً (مع رئيس الوزراء) وليس حزبياً، وقد عُقد بغرض بحث حدث الساعة، وتحديداً أزمة شح الموارد المالية، وأشكال مشاركة رجال الأعمال في إيجاد مصادر تمويل جديدة بديلة للنفط والغاز. وتابعت المصادر التي نقلت خبر الاتصال أن ولد عباس دعا المسؤول النقابي إلى عقد لقاء مشابه في مقر حزبه، فوافق سيدي السعيد. كما اتصل ولد عباس بحداد ليعرض عليه الشيء نفسه فوافق.
ويُعتقد أن الاجتماع الثلاثي الجديد قد يُصدر موقفاً من مسألة خصخصة الشركات الحكومية، وهي مسألة ليست محل إجماع داخل السلطة في الجزائر. وإذا أخذ الثلاثي موقفاً معارضاً للخصخصة، فهذا سيُظهر أويحيى وكأنه “معزول” كونه الوحيد الذي يمكن أن يؤيد مثل هذا الخيار. وسبق لأويحيى أن سار في خط الخصخصة في منتصف تسعينات القرن الماضي، لما كان رئيساً للحكومة (1995 - 1998). ففي تلك الفترة تم غلق عشرات المؤسسات الحكومية العاجزة، عملاً بتوجيهات “خطة التصحيح الهيكلي” التي أملاها “صندوق النقد الدولي” على الدولة آنذاك، وكان من نتائجها فقدان عشرات الآلاف من الجزائريين وظائفهم. وتحتفظ شرائح من الجزائريين بذكرى سيئة لأويحيى بسبب ذلك، ويعوَل خصومه على “لا شعبية” خطوته تلك لإضعافه، لكن المثير في الجدل الذي يدور حول “الثلاثية الأصلية” ونسختها “الموازية”، أن أويحيى ترأس الأولى بتوجيهات من الرئيس بوتفليقة، وانطلاقاً من موقعه الوزاري الذي يجعل منه الرجل الثاني في السلطة التنفيذية. أما اللقاء الثاني المرتقب فهو بطلب من حزب يرأسه شرفياً بوتفليقة، ما طرح تساؤلات حول إمكان وجود أكثر من تيار داخل السلطة في شأن عملية الخصخصة وطريقة التصدي الأمثل للأزمة المالية التي تواجهها البلاد.
ومعروف أن ولد عباس كان قد أعلن حرباً مفتوحة على أويحيى بدأت فصولها بتصريح ناري أدلى به قبل أشهر وجاء فيه أن رئيس الوزراء، زعيم حزب “التجمع الوطني الديمقراطي”، “يريد أن يصبح رئيساً، وهذا ما لن يكون ما دام بوتفليقة في الحكم”. وردَ أويحيى بذكاء فقال: “حزبنا يدعم الرئيس منذ 1999 وسيدعمه إذا أراد الاستمرار في الحكم”، في إشارة إلى انتخابات الرئاسة المرتقبة في أبريل (نيسان) 2019، وسئل أويحيى عشية انتخابات 2009، عما إذا كانت ساعة ترشحه للرئاسة قد حانت، فأجاب: “الرئاسة موعد بين الرجل وقدره”. وفُهم من كلامه أنه يرغب في الحكم ولكن لن يجهر بذلك ما دام بوتفليقة في السلطة، وصرّح رجل الأعمال البارز النائب البرلماني بهاء الدين طليبة لصحيفة إلكترونية، أمس، بأنه بصدد إطلاق “تنسيقية” لمناشدة بوتفليقة الترشح لولاية خامسة، تتكون من عشرات التنظيمات والجمعيات التي حافظت على ولائها له منذ ولايته الأولى (1999 - 2004).