الجديدة ـ أحمد مصباح
بأمر من الوكيل العام لدى استئنافية مدينة الجديدة، انتقلت لجنة إقليمية مختلطة، إلى جماعة أولاد حمدان، على بعد حوالي 30 كيلومترا من عاصمة دكالة. حيث عملت على استخراج جثة صغيرة من المقبرة، بغاية إيداعها في مستودع حفظ الأموات في المركز الاستشفائي الإقليمي، لإخضاعها للتشريح الطبي، بقصد تحديد أسباب وظروف الوفاة الغامضة. وكانت سيدة و"مقدم"، وامرأتان تمتهنان غسل الموتى (غسالتان)، مثلوا أخيراً في حالة اعتقال، أمام الوكيل العام للملك، على خلفية "الضرب والجرح المفضي إلى الموت دون نية إحداثه"، و"عدم التبليغ عن وقوع نازلة وفاة في ظروف غامضة"، كل حسب المنسوب إليه. وحسب وقائع النازلة، فإن سيدة تقيم بتراب جماعة أولاد حمدان بقيادة أولاد أفرج، كانت تركت مطلع شهر نيسان/أبريل الماضي، صغيرتها من مواليد 2009، عند قريبة لها في الدوار، في انتظار أن تغتسل في الحمام. وبينما كانت الأخيرة منهمكة في أشغال البيت، كانت الطفلة تلعب وتلهو عند مدخل المنزل. ولحظة تدافع قطيع من الأبقار، فأصابت بقرة الطفلة. وخوفاً من أن تصيبها باقي الأبقار بأذى أو مكروه، سارعت السيدة بإبعادها عن الطريق، ودفعتها بنية حسنة، دون تقييم لحركتها العنيفة والمباغتة. الصغيرة سقطت جراء ذلك على الأرض، وبقيت بلا حركة.. جثة هامدة. خوفاً من تحميلها مسؤولية الوفاة، قامت السيدة بإلقاء جثة الصغيرة في برميل ممتلئ بالماء، حتى يسود الاعتقاد أن الضحية هوت عرضياً بداخله، وقضت نحبها تبعا لذلك. وكان الأمر كما فكرت فيه بتلقائية وعفوية. أبلغ والدا الصغيرة المكلومان عون السلطة بالدوار. وجرى دفن جثمان الضحية في مقبرة الجماعة القروية، دون إحالتها على مستودع حفظ الأموات في المركز الاستشفائي الإقليمي في الجديدة، بغاية إخضاعها للتشريح الطبي، رغم أن ظروف الوفاة وملابساتها كانت غامضة وتثير الشكوك. بمرور الأيام، بدأ الشك يساور والدي الصغيرة. فالتحقا بالمركز القضائي في الجديدة، وصرحا للضابطة القضائية أنهما يشكان في أسباب وظروف وفاة فلذة كبدهما. فريق دركي انتقل لتوه إلى الدوار المستهدف بالتدخل. المحققون حاصروا السيدة التي عهد لها برعاية الضحية في غياب أمها، بوابل من الأسئلة، لم تجد معها بداً من الاعتراف تفصيلياً بوقائع نازلة الوفاة، وظروف وقوعها. وبتعليمات من النيابة العامة، أوقفت الضابطة القضائية السيدة و"المقدم"، وامرأتين قامتا بغسل جثمان الهالكة (غسالتين)، ووضعوهم تحت تدابير الحراسة النظرية، مدة 48 ساعة. وأعاد الوكيل العام الأشخاص الأربعة الموقوفين على ذمة التحقيق، إلى الضابطة القضائية، لتعميق البحث معهم، بعد تمديد فترة الحراسة النظرية في حقهم ب24 ساعة. فيما استمع الوكيل العام إلى رجل السلطة (القائد)، لكونه يتمتع بالامتياز القضائي. وعند مثولهم ثانية أمام النيابة العام، أخلى الوكيل العام سبيل "المقدم" و"الغسالتين"، فيما أودع السيدة المشتبه بها رهن الاعتقال الاحتياطي في السجن المحلي "سيدي موسى"، في انتظار مثولها أمام قاضي التحقيق الجنائي.