الرباط - المغرب اليوم
منذ المصادقة عليه في مجلس حكومي أواخر يناير الماضي، لم يتوقف مشروع قانون “الشركات الجهوية متعددة الخدمات” عن إثارة النقاش العمومي؛ لا سيما بعد إحالته للنقاش في مجلس المستشارين، معيدا إلى الأذهان “هواجس وتخوفات” بشأن الأسعار وتفاوتها مجاليا.
وكان عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، خلال تقديم ومناقشة مشروع القانون رقم 83.21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات على أنظار أعضاء لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بمجلس المستشارين، الأسبوع الماضي، قد تفاعل مع أسئلة وملاحظات البرلمانيين، مطمئِنا بأن “أسعار الكهرباء لن تعرف ارتفاعا بعد إحداث هذه الشركات”.
“قطاع توزيع الماء والكهرباء يواجه مجموعة من الإشكالات في إطار تجارب التدبير الراهنة التي لا تسمح للفاعلين الحاليين بمواكبة تطور الطلب على خدمات الماء والتطهير السائل والكهرباء”، هكذا تحدث المسؤول الحكومي أمام أعضاء اللجنة مؤكدا أنها “إشكاليات تحُول دون تأمين التوازن في توزيع هذه الخدمات على المستوى الترابي، لاسيما بالعالم القروي”.
مصدر من لجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة، في مجلس المستشارين، قال إن “النقاش لم يُحسَم بعد في اتجاه تبني مواقف واضحة من مشروع القانون، الذي يظل محط نقاش مستمر حول مختلف نقاطه الجدلية”.
وأكد المصدر، في تصريح لهسبريس، أن “تباين الأسعار بين سكان كل جهة موجود أيضا ضمن الاهتمامات بحكم مصلحة المواطنين الفضلى”، ثم زاد: “المناقشة التفصيلية لبنود مشروع القانون هي الكفيلة بالخروج بتصور واضح، قبل اتخاذ موقف من مضامينه بصفة عامة، وحينها سنعبر عن موقفنا النهائي”.
من جانبه، تفاعل أمين بنونة، الخبير الطاقي المغربي، مع سيرورة النقاش الجاري، داعيا “البرلمانيين المستشارين إلى مراجعة جذرية لمشروع قانون 83.21 بشأن الشركات الجهوية متعددة الخدمات (SMR)”.
وأوضح بنونة، في تواصل مع جريدة هسبريس، أنه “بعد عام 2027، ستقوم هذه الشركات بتوزيع خدمات الكهرباء والمياه والصرف الصحي بدلا من المندوبين الخاصين الأربعة، والوكالات الجماعية السبع والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب”؛ ما يعيد -وِفقه- هاجس “الخوصصة من جديد”.
مخاوف “خصخصة الأرباح”
“من المحتمل جدا أن يؤدي مشروع القانون، بصيغته الحالية، إلى “خصخصة الأرباح والتنشئة الاجتماعية” للخسائر لأسباب موضوعية مرتبطة بالتباينات الجهوية.
“منذ عام 2018، تم شراء الكهرباء من قبل المُوزعين بسعر حوالي 0.85 درهما لكل كيلو واط ساعة، بينما يتم إعادة بيعها بحوالي 1.15 درهما”، شرح الخبير الطاقي لهسبريس، مؤكدا أن “35 سنتيما من إجمالي الهامش تُستغل من أجل دفع رسوم التدبير وتحقيق بعض الأرباح”، قبل أن يخلص إلى أنه “لا يمكن أن يكون الحد الأدنى للهامش الإجمالي للوفاء برسوم الإدارة هو نفسه في جميع مناطق المغرب”.
أستاذ علوم الطاقة سابقا بجامعة القاضي عياض زاد موضحا: “لا شك في أن مشروع القانون المذكور يتلاءم تماما مع ورش الجهوية المتقدمة”، قبل أن يستدرك: “على الرغم من أن المستشارين في اللجنة قد أكدوا على الحاجة إلى الحفاظ على الطبيعة الاجتماعية للمياه والكهرباء، فإن الأسعار لا يمكن أن تكون متجانسة على الصعيد الوطني”.
أسباب “عدم تجانس الأسعار”
عدد بنونة، في تصريحه لهسبريس، أسباب عدم تجانس الأسعار وكونها منصفة بين جهات المغرب الاثنتي عشر؛ موردا أن أول سبب يتعلق بـ”اختلاف مبيعات الكهرباء سنويا بمُعامل 56 بين الجهات”، كما أن “اقتصاديات الحجم (économie d’échelle) تعتمد على ذلك”.
السبب الثاني، حسب المتحدث، هو أن “الطاقة الكهربائية الُمباعة سنويا لكل ساكن ستختلف بمعامل قريب من 3 بين الجهات”، وفي حال اعتماد القانون فإن “احتساب الفواتير لكل زبون سيكون كاشفا لهذه التباينات”.
أما السبب الثالث فيتمثل في أن “الكهرباء المباعة سنويا لكل وحدة سطحية ستختلف بمعامل 387 بين الجهات، في وقت تعتمد فيه تكاليف التشغيل الفنية على ذلك”.
تبعا لذلك، استنتج بنونة: “لا يمكن أن تكون الأسعار متساوية على المستوى الوطني”، خاتما بالتساؤل “من سيدفع فرق التكلفة في المناطق والجهات والأقاليم الأقل تفضيلا؟”.
قد يهمك أيضاً :
الحكومة المغربية تكشف خطتها لتفادي الزيادات “القاهرة” في فواتير الماء والكهرباء