الجزائر – ربيعة خريس
تفتتح محكمة جنايات محافظة وهران غرب الجزائر، نهاية الأسبوع، واحدة من أهم القضايا الخطيرة التي ستعالج خلال هذه الدورة الجنائية المتعلقة بالمتاجرة بالأسلحة دون ترخيص مصدرها التراب الليبي الذي لا يزال يشهد انفلاتًا أمنيًا كبيرًا بسبب سيطرة المتطرفين على مناطق واسعة من ليبيا.
وتعود تفاصيل هذه القضية حسب قرار الإحالة الذي نشرته وسائل إعلام محلية، إلى تاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2015 عندما ألقت قوات الأمن الجزائري القبض على عصابة دولية متخصّصة في المتاجرة بالأسلحة النارية دون ترخيص مكوّنة من 13 شخصًا، وتم العثور بحوزتها على 7 قطع نارية من نوع أميركي وكمية من الذخيرة آتية من ليبيا، وبعد التحرّيات الأمنية التي قامت بها مصالح الأمن الجزائري، تم التأكد من وجود علاقة بين العصابة ومتطرفين خطيرين مطلوبين من طرف أجهزة الأمن الليبية، تورّطوا في عمليات خطيرة.
وتمكنت مصالح الأمن الجزائر من تفكيك خيوط هذه القضية، عندما قدم أحد أفراد هذا العصابة الإجرامية إلى محافظة وهران غرب الجزائر، لإبرام صفقات بيع السلاح، وبعد التحقيقات الأمنية المعمقة التي أجريت معه، تمكنت مصالح الأمن الجزائري من تحديد موعد الصفقة التي كانت ستتم على شاطئ ساحلي في محافظة مستغانم مع شخص آخر، وأسفرت بعدها التحقيقات مع الشخصين إلى تحديد هوية باقي أفراد العصابة الإجرامية.
وحجزت مصالح الأمن الجزائري 7 قطع من الأسلحة النارية متمثلة في ثلاثة بنادق صيد و4 مسدسات من نوع "سكوربيو" ومخازن تحتوي على خراطيش حية هربت من مخازن الجيش الليبي وتم نقل الأسلحة عبر الحدود الليبية الجزائرية، بتنسيق مع شخص يحمل جنسية ليبية، وأعلنت السلطات الجزائرية، منذ عام 2014، استنفارًا أمنيًا على حدودها الشرقية والجنوبية التي تربطها مع لبيبا للحد من تهريب السلاح من مخازن الجيش الليبي عبر الصحراء لصالح تنظيمات متطرفة تنشط في منطقة الساحل.
وكشفت دراسة أجرها نشرتها مجلة الجيش الجزائري، أخيرا، استخدام سماسرة السلاح معبرا جديدا يمتد مباشرة من ليبيا إلى مالي نحو دول الساحل الصحراوي، مؤكّدة أن سماسرة السلاح يستعملان ممرين أولها يكون إما بدول غرب إفريقيا عبر غينيا بيساو وليبريا وسيراليون وإما من الشرق عبر السودان قبل تقسيمه والصومال وإثيوبيا لتنتشر في دول الساحل، وأصبحوا اليوم بفعل تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا منذ سنة 2011 يستعملون محورا ثالثًا يمتد مباشرة من ليبيا إلى مالي نحو دول الساحل الصحراوي الأخرى.
وساهمت هذه المعابر والمسالك في انتشار أعداد هائلة من السلاح، وتعتبر التنظيمات المتطرفة المستفيد الأول من هذه التجارة، وكشفت تقارير أمنية صدرت عام 2014 وجود أكثر من 30 مليون قطعة سلاح تستحوذ عليها التنظيمات المتطرفة داخل التراب الليبي، وبيّن تقرير أمني جزائري أعده رئيس اللجنة الأفريقية للسلم والمصالحة، أن السلاح الليبي أصبح يشكل مصدر قلق كبير لدول جوار ليبيا خاصة الجزائر، وأكد التقرير أن السلاح الليبي وصل إلى تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وتم توزيعه على عدة بؤر توتر وأماكن تخزين أخرى، ويرى الخبير الأمني الجزائري، أن معظم الأسلحة الليبية مازالت تحت سيطرة جهات مسلحة غير تابعة للدولة وهي تهرب نحو 12 دولة تقريبًا.