الرباط - المغرب اليوم
بعد 45 يوماً فقط، أنهت مكالمة هاتفية بين عبد المجيد تبون، رئيس جمهورية الجزائر، وإيمانويل ماكرون، رئيس الجمهورية الفرنسية، “غضب” قصر المرادية من الإليزيه، بعد واقعة اتهام فرنسا في الضلوع في “عملية إجلاء سرية وغير قانونية” للناشطة الجزائرية أمينة بوراوي، واستدعاء السفير الجزائري لـ”التشاور”.
وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية الفرنسية أن الاتصال الهاتفي “سمح بإزالة الكثير من اللبس بشأن هذه القضية وما ترتب عنها من تصدّع على مستوى العلاقات الثنائية”، مؤكدا أن الرئيسين “اتفقا على تعزيز وسائل الاتصال بين إدارتي الدولتين، حتى لا تتكرر مثل هذه الحالات، كما بحثا سبل تقوية وتعزيز التعاون”.
وجاءت إعلان “تجاوز الأزمة الدبلوماسية” بين البلدين يومين فقط على ظهور الرئيس الجزائري في برنامج “لقاء خاص” على الجزيرة، حيث حاورته الصحافية الجزائرية خديجة بن قنة، وكان فرصة أمامه لبعث رسالة “طمأنة” لفرنسا قائلا: “علاقتنا مع فرنسا دائما في ذبذبات”، كما أعلن خلاله عن قرب عودة السفير الجزائري إلى باريس “لأن لدينا جالية في فرنسا و’عمل لازم نقومو بيه'”، وفق تعبيره.
ويأتي هذا المستجد في ظل استمرار ما يصفها خبراء العلاقات الدولية بـ”الأزمة الدبلوماسية الصامتة” بين المغرب وفرنسا، واستمرار شغور التمثيلية الدبلوماسية للرباط في باريس منذ فترة، ما دفع مراقبين إلى التساؤل عن إمكانية مساهمة عودة العلاقات بين الجزائر وباريس في إطالة فترة جمود علاقات الأخيرة مع الرّباط.
عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، اعتبر أن المغرب غير معني بطريقة تدبير فرنسا -التي تواجه مرحلة صعبة في علاقاتها بمستعمراتها السابقة بإفريقيا خاصة على مستوى دول الساحل والصحراء- علاقاتها الخارجية ما لم تمس بمصالحه.
وأضاف بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أنه وسط هذا الوضع تحاول فرنسا البحث عن إنجازات دبلوماسية في علاقاتها مع الجزائر، كما أن الأخيرة تعمل على تحقيق مكاسب سياسية في ظل هذا الوضع المضطرب الذي تعرفه علاقات فرنسا بدول إفريقيا.
واعتبر الخبير في العلاقات الدولية أن خطوات كل من الدبلوماسية الجزائرية والفرنسية على السواء لا تخرج عن هذا “المنطق البراغماتي”، الذي تعمل فرنسا من خلاله على خلق توازنات جديدة في علاقاتها بالمغرب والجزائر بما يخدم مصالحها ويعيدها إلى سابق عهدها بوسائل أخرى وبأسلوب جديد.
وبالنسبة إلى بنلياس فإن وضع حد للأزمة الدبلوماسية العارضة بين فرنسا والجزائر والاستعداد لزيارة تبون إلى فرنسا في ماي المقبل “ما هو إلا جزء من مخطط للتقارب أكثر بين فرنسا والجزائر، مقابل استمرار الجمود في العلاقات المغربية الفرنسية الذي يعتبر عدم تعيين سفير مغربي جديد بباريس أحد مؤشراته البارزة”.
ومع ذلك، يضيف المتحدّث إلى هسبريس، فإن موقف المغرب بشأن الفتور الذي تعرفه علاقته بفرنسا واضح ويرجع إلى الغموض الذي يكتنف الموقف الفرنسي من قضية الصحراء المغربية التي تعتبرها المملكة المنظار الذي تنظر به إلى عمق الشراكات وصدق العلاقات.
وخلص الأستاذ بكلية السويسي بالرباط إلى أنه “ما لم تكن هناك أي إشارات ولو جزئيا تخرج فرنسا من وضعية الراحة التي توجد عليها فإنه من المستبعد طي هذه المرحلة من التوتر، خاصة أن تجربة الدبلوماسية المغربية في حل خلافاتها مع دول من داخل أوروبا، كإسبانيا وألمانيا، لم تكن بدون مواقف واضحة من هذه الدول إزاء قضينا الوطنية”.
قد يهمك أيضاً :
رئيسة «الفيدرالي الروسي» تبحث في الجزائر زيارة تبون إلى روسيا
الرئاسة الفرنسية تؤكد أن ماكرون وتبون يطويان صفحة الأزمة الدبلوماسية بين باريس والجزائر