الرباط - كمال العلمي
بعد محاولات حثيثة من اليمين المتطرف الإسباني، وعلى رأسه حزب فوكس، لإشعال فتيل أزمة سياسية ودبلوماسية بين الرباط ومدريد، إثر “الاتهامات” التي ادعى من خلالها تدخل المملكة المغربية في الانتخابات البلدية بمدينة مليلية المحتلة، المزمع تنظيمها أواخر الشهر الجاري، خرج وزير الخارجية الإسباني، خوسي مانويل ألباريس، بتصريحات نسفت كل هذه المحاولات وأكدت مرة أخرى على متانة العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.
وأكد ألباريس، في اجتماع إعلامي نظمته صحيفة “لاسبروفينسياس”،، أن المملكة المغربية شريك إستراتيجي لبلاده وليست مجرد جار فقط، مضيفا: “رغم أن الدبلوماسية فن أكثر من كونها علما إلا هناك قانونا رياضيا يؤكد أنه يجب أن تكون لدينا أفضل العلاقات مع جيراننا”.تصريحات المسؤول الإسباني جاءت موازاة مع نفي المغرب، على لسان الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، تدخله في الانتخابات البلدية الإسبانية. وأضاف المسؤول الحكومي ذاته أن “الرباط تعرف إطار وسياق إثارة هذه القضايا”، في إشارة إلى الأصوات المعادية للمغرب في الداخل الإسباني.
ويرى متتبعون للشأن الإسباني أن حكومة مدريد باتت واعية بمحاولة بعض الأطراف السياسية في إسبانيا توظيف ورقة المغرب مع بداية كل استحقاق انتخابي، وإقحام الرباط في “الصراعات السياسوية والتطاحنات الانتخابية” ما بين الأحزاب الإسبانية من أجل تحقيق مكاسب سياسية، وضرب الشراكة الوثيقة التي تجمع البلدين، خدمة لأجندة معينة.
علاقات مميزة
أحمد صابر، الباحث في العلاقات المغربية الإسبانية، أكد على “عراقة العلاقات بين الرباط ومدريد، ليس فقط على مستوى الجوار، بل على المستوى الاقتصادي والدبلوماسي أيضا، وهو ما جعلها علاقات مميزة وتمضي في التميز أكثر فأكثر”.
وأضاف الباحث ذاته، في تصريح، أن “هذه العلاقات تستمد رمزيتها وقوتها من علاقة الصداقة الوطيدة التي تجمع الملك محمدا السادس بالملك الإسباني الحالي فيليب السادس، وقبله والده خوان كارلوس”.وشدد صابر على أن “هذه الفترة المتميزة التي تمر منها العلاقات المغربية الإسبانية أصبحت تُغيظ بعض الأطراف التي تحاول خلق أزمة للبلدين، من خلال توزيع الاتهامات الباطلة وادعاء تدخل الرباط في الشؤون الداخلية الإسبانية”.
أطراف مشوشة
من جهته، علق نبيل دريوش، الخبير المتخصص في الشأن الإسباني، على تصريحات ألباريس بالقول إنها “تأتي في سياقين، أولهما الـتأكيد على عمق الروابط والعلاقات الإستراتيجية التي تجمع الرباط ومدريد، منذ تطبيع العلاقات بين البلدين”.أما السياق الثاني، يضيف الخبير ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس، فيتجلى “في السياق الانتخابي الذي يتم فيه توظيف المغرب من طرف أحزاب يمينية تصطاد في الماء العكر، وتحاول إقحام المملكة في صراعات إسبانية داخلية لإحراج حكومة سانشيز وتصفية حساباتها الانتخابية”.
وأورد دريوش في هذا الإطار تصريحات لوزير الخارجية الأسبق غارثيا مارغايو، “ادعى من خلالها تورط المغرب في التلاعب بالأصوات الانتخابية في مليلية المحتلة”، حتى إنه أصر في تصريح له مؤخرا على “إلصاق التهمة بالرباط دون دليل، بالقول: ‘سأفاجأ إن لم يكن المغرب متورطا في هذه القضية'”.وفي ختام حديثة أكد الخبير ذاته أن “المغرب وإسبانيا على المستوى الرسمي تجمعهما علاقات إستراتيجية، لكن على المستوى الداخلي يتم دائما توظيف ورقة الرباط، سواء من طرف اليمين أو اليمين المتشدد أو يسار بوديمويس، مع اقتراب كل استحقاق انتخابي”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الحكومة الأسبانية تُواجه ضغوطات فتح جمارك سبتة ومليلية والرباط تختار التريث