مدريد - فتحي كامل
بعد صمت حكومي إسباني طويل، خرج فرناندو غراندي مارلاسكا، وزير الداخلية في الجارة الشمالية، للإفراج عن مستجدات المعابر الجمركية الجديدة في مدينتي سبتة ومليلة المحتلتين، إذ بين أن “المحادثات مع الرباط مستمرة بهذا الشأن”.وفي تصريحات صحافية، كشف مارلاسكا، الذي تواجه حكومته “ضغطا” من المعارضة ومن قواعدها بالمدينتين المحتلتين حول إطلاق المعابر الجمركية، أن “المغرب وإسبانيا يعملان باستمرار على وضع تدابير تسمح بإعادة فتح الجمارك التجارية بسبتة ومليلة في أقرب الأوقات”.
وأضاف وزير الداخلية الإسباني أن “فتح هاته الجمارك الجديدة هو التزام يقع على إدارتي البلدين، لذا فهما معا تعملان باستمرار على إخراج هذا المشروع إلى الحياة”، لكنه لم يحدد أي موعد لذلك.وبحسب مراقبين، “تهدف الأوساط السياسية بإسبانيا لاستغلال عملية مرحبا 2023 من أجل تسريع وتيرة عمل جمارك سبتة ومليلية المحتلتين، التي تضع عليها الرباط خطوطا حمراء، أهمها عدم تحويلها إلى معابر دولية” حتى لا يعتبر ذلك اعترافا ضمنيا بتبعية المدينتين إلى مدريد.وفي الأيام القليلة الماضية، كشفت مصادر إعلامية متطابقة أن مدريد والرباط “اتفقتا على تحديد مرحلة تجريبية ثانية للجمارك التجارية بمدينتي سبتة ومليلة المحتلتين، إذ ستكون العملية في الاتجاهين معا، بعدما اقتصرت في المرحلة الأولى على تصدير منتوجات إسبانية”.
حمى انتخابية
نبيل دريوش، خبير سياسي مختص في الشأن الإسباني، يرى أن هذا الموضوع يكتسي حساسية سياسية كبيرة بالنسبة للمغرب، إذ إن التأخر في التوصل إلى اتفاق من جهة، واستمرار المفاوضات بشأنه من جهة ثانية، منذ تطبيع العلاقات الثنائية، يؤشر على أن المسائل التقنية تكتسي حمولة سياسية لدى الطرفين معا.وقال دريوش، في حديث لهسبريس، إن “المغرب يحاول بالتأكيد الوصول إلى صيغة لا تكون لها كلفة سياسية عالية، كما أن الحكومة الإسبانية تحاول الحصول على مكسب سياسي في سنة انتخابية تواجه فيها اليمين الذي يضغط عليها بخصوص هذه النقطة وبخصوص موقفها الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية”.
واعتبر المتحدث أن “المنطقة الشمالية المغربية عرفت قفزة اقتصادية نوعية خلال العشرين سنة الماضية وتحولت الى قطب اقتصادي مهم، وبالتالي لم تعد مدينتا سبتة ومليلية المحتلتان قادرتين على الاستفادة من الهشاشة الاقتصادية التي كانت تعاني منها المنطقة الشمالية في الماضي لتصدير بضائعهما، خاصة وأن الوضعية تم تجاوزها بشكل نهائي”.
وخلص المصرح إلى أن “البضائع التي يمكن أن تدخل من سبتة ومليلية موجودة في الأصل بالمغرب وبأثمنة مناسبة”، مبينا في الوقت ذاته أن “المشكلة باتت اليوم في النموذج الاقتصادي الذي اعتمدته إسبانيا في المدينتين القائم على منطقة التجارة الحرة التي كان الفضاء المغربي سوقها الوحيد، ومع تغير المعطيات بشكل جذري، لن تجدي إقامة الجمارك نفعا في حل هذه المشكلة بالنسبة لإسبانيا، إذ سيكون الربح الأكبر سياسيا وليس تجاريا”.
وصمة عار
من جهته، قال محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، إن “فتح الجمارك بمعبري سبتة ومليلية يأتي كتنازل عن أراض مغربية بحكم التاريخ والجغرافيا والمعطيات الثقافية”.وأضاف بنعيسى، في تصريح لهسبريس، أن “قرار فتح الجمارك بالمعبرين، أو أي تغيير في الوضع القائم دون أن يكون هدفه المطالبة باسترجاع المدينتين، هو وصمة عار علينا إذا رضخنا للضغوطات الإسبانية”.واعتبر رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان أنه “بتطبيق قانون الجمارك المغربي، في حال قبول المغرب بالضغوطات الإسبانية، سيكون له أثر على اقتصادات مدن الشمال المغربية، إذ سيصب في مصلحة إسبانيا، بحيث سيعيد إنعاش اقتصاد المدينتين المحتلتين بعدما تم خنقهما”.“الشمال المغربي يحتاج إلى تصحيح الاختلالات التي تعرفها بنيته الاقتصادية بسبب قيامها على التهريب بشتى أنواعه، كتهريب المخدرات والسلع والبشر، عبر مشاريع اقتصادية يكون لها انعكاس على الساكنة المحلية”، يتابع المتحدث قبل أن يخلص إلى أن “تفعيل هاته الجمارك قد يكون إيجابيا لدى عاملات التهريب، بشرط أن يتم ضمان حقوقهن بشكل سليم”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الحكومة الأسبانية تُواجه ضغوطات فتح جمارك سبتة ومليلية والرباط تختار التريث
رئيس الحكومة الأسبانية يحاول ربط الأزمة مع المغرب بالمهاجرين