الرباط ـ المغرب اليوم
رفضت الطائفة اليهودية المغربية عملية اقتحام باحات المسجد الأقصى التي أقدم عليها بعض المتطرفين اليهود من الإسرائيليين بالدولة الفلسطينية مرة أخرى، والإمعان في “إهانة الطابع الروحي لهذا المسجد الذي يحظى بأهمية تاريخية وروحية خاصة لدى كل المسلمين حول العالم”، معبرة عن استنكارها أيضا وتقاطعها مع الموقف الرسمي للمغرب في هذا السياق، “خدمة لمختلف سبل العيش المشترك ووقف النّزعات المبنية على العقيدة”.
أعضاء الطائفة الذين تكلموا في الموضوع اعتبروا أن “المغاربة اليهود لهم دائما تصوّرهم للنقاش المتعلق بالتجرّؤ على ضمائر الآخرين، خصوصا في ظل وجود تراكم تاريخي يكشف أن معابد اليهود لم تتعرض للتنكيل في المغرب مثلما حدث في مناطق أخرى تدّعي أنها ديمقراطية”، مؤكّدين تفاعلا مع سؤال “لماذا لا يصدرون بيانات توضح هذه المواقف؟” أن “الأمور المبدئيّة واضحة لا تحتاجُ بلاغات، فهي يتم التعبير عنها في تصريحات وغيرها”، حسبهم.
جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية المغربيّة بجهة مراكش آسفي، قال إن “الدخول إلى الأقصى من طرف عبريين متطرفين لا يعبّر بالضرورة عن تصور نابع من ديننا اليهودي، الذي يجعلنا نحترم بقية الأديان ونتعايش معها”، مضيفا أن “أي نوع من الضغينة باسم أي تراث روحي لم يكن حاضرا ضمن رؤيتنا للآخر المختلف عقديا”، وزاد: “موقفنا واضح لا يحتاج بيانات، فنحن نرفض بإطلاق أي تعاط سيئ مع فضاءات مقدسة”.
ووضّح كادوش، في تصريحه لهسبريس، أن “الطائفة تتقاطع مع الموقف الذي عبرت عنه وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، لأن ذلك هو عين الصواب، بما أن التجديف أو القيام بممارسات استفزازية تنتهك حرمة المسجد الأقصى سيكرس تصوراً خاطئا عن الدين اليهودي”، مشيرا في السياق ذاته إلى أن “المغاربة اليهود لا يقبلون المساس بأي مكان يحمل توقيعاً دينيّا، إسلاميا كان أو مسيحيا”.
وشدد المتحدث عينه على ما أسماها “أخلاق اليهود التي تبتعد كل الممارسات الشاذة من هذا القبيل، أو منع مسلمين من أداء الصلاة في مكان يخصّصونه لذلك”، مردفا: “هذا يتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية التي تكفل حرية العبادة، وهو ما لا يمكن التساهل مع مصادرته أو الاعتداء عليه”، خالصا إلى دعوة “العبريين إلى التعقل تجاه المسائل التي تدخل ضمن خانة الإدانة المطلقة، والتي لا استثناء فيها يسمح بهامش يعتبرونه تسويغا للاعتداء عليها”.
سيزان أبيطان، مغربية يهودية رئيسة الجمعية الدولية للمغاربة من أجل التسامح، رفضت بدورها أيّ عمل يكرس التطرف تحت أي غطاء عقدي، مؤكّدة أن “الأصل هو التعايش وعدم التفكير في الاستهزاء بما يراه الآخر كنزا روحيّا نفيسا”، وزادت: “نحن كمغاربة يهود وجدنا التعايش أفقا نهائيا منذ فتحنا أعيننا وترعرعنا في بيئة قادرة على استيعاب الجميع، مهما كانت عقيدتهم؛ ولهذا نحن نراهن أن نرى الرؤية نفسها حاضرة في مختلف بقاع العالم”.
وأضافت أبيطان، في حديث قصير لهسبريس، لخصت فيه موقفها “الذي لا يقبل التفاوض”، لافتة إلى الاصطفاف مع المواقف التي يعبر عنها المغرب، خصوصا “مواقف الملك محمد السادس باعتباره رئيس لجنة القدس التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي”، وأضافت خاتمة: “هذه التصرفات لا تفسح الطريق أمام التسامح العقدي أو التلاقح الحضاري والثقافي، وتقوم بالمقابل بتقوية العداء المنطلق من منزع ديني”.
جدير بالذكر أن وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج أكدت في بلاغ صادر عنها رفض المملكة عملية الاقتحام، و”أي إجراءات تقوض الوضع القانوني والتاريخي لمدينة القدس ومقدساتها، بما فيها المسجد الأقصى المبارك، أو فرض أي قيود على دخول المصلين إليه”، مشددة على “ضرورة الحفاظ على طابعه الحضاري والإسلامي، وتفادي كل أشكال التصعيد والاستفزاز”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
الطائفة اليهودية المغربية تهنئ المسلمين بعيد الأضحى