الرباط - كمال العلمي
قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، إن “ما سمي الربيع العربي كانت له أثارٌ مدمرة على بعض بلدان شرق وجنوب المتوسط، إذ استغلت العديد من الجماعات الفترات الانتقالية وضعف الدولة لإشاعة الفوضى وعرقلة بناء المؤسسات الوطنية، فيما عمق التدخل الأجنبي من هشاشة هذه الأوضاع التي نجمت عنها حركاتُ نزوحٍ ولجوء وهجرات”.
وأشار الطالبي العلمي، في كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح الدورة 17 للجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، إلى أن “النزاع في الشرق الأوسط يظل محور النزاعات الإقليمية، إذ تناسلت عنه العديد من النزاعات الأخرى، بينما تظل قضية الشعب الفلسطيني جوهر عدم الاستقرار في المنطقة، وينبغي في هذا النزاع التوجه إلى جوهر المشكل، المتمثل في إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه في الاستقلال وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني، دولة ذات سيادة، قابلة للحياة، وتعيش في سلام وتعايش مع باقي دول المنطقة”.
وعلى المدى القريب، أكد رئيس مجلس النواب أنه “ينبغي ألا تقبل المجموعة الدولية بغير كفالة حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وتوفير الحماية له، لينعم بحقه في الحياة، وفي الأمن وفي المؤسسات الوطنية وفي الهوية”، موردا أن “القيم الإنسانية اليوم ممتحنَةٌ والضمير الإنساني أمام مسؤوليات تاريخية، وعلينا أن نتذكر دائمًا أنه ما لم تتم تسوية قضايا الشرق الأوسط على أساس العدل والقانون الدولي فإن منطقتنا الأورومتوسطية ستظل رهينةَ عدم الاستقرار والنزاعات والفوضى”.
وأضاف رئيس مجلس النواب رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط: “سواء بحكم التاريخ، أو الجغرافيا السياسية، أو باسم الضمير الإنساني والقيم، والمصالح، والحرص على المستقبل، فإن تسوية النزاع العربي الإسرائيلي وجوهره القضية الفلسطينية هو مسؤولية أرومتوسطية بالأساس، وهي فرصة لاستعادة دور مجموعتنا في وقف هذا الدمار الإستراتيجي في كل الأبعاد”.
وتابع الطالبي العلمي: “بعلاقة مع عدم الاستقرار، نواجه معا التطرف والإرهاب، الذي يجد تربته الخصبة في الفوضى والفقر وغياب المؤسسات؛ وإذا كان ينبغي الاستمرار في التصدي الأمني لمدبري وممولي ومنفذي المشاريع الإرهابية فإنه لابد من تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على البيئة التي تحتضنه، وفي الوقت نفسه مواصلة تكريس الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وإشاعة ثقافة العيش المشترك”.
وشدد المتحدث ذاته على أن “هذه التحديات والعواملُ وغيرها من خارج الفضاء الأرومتوسطي ومن خلفه تساهم في تزايد لافت لظاهرة الهجرة غير النظامية واللجوء والنزوح، مع ما يلازم ذلك من مآسي إنسانية”، مضيفا أن “البحر الأبيض المتوسط تحول إلى ممر لهلاك آلاف من الشباب الباحثين عن الأمل في الشغل، أو عن لقمة العيش، أو عن الأمن أو عن الحرية أو الحماية من تعصب طائفي أو عرقي”.
وجاء في كلمة رئيس مجلس النواب أنه “إذا كانت الهجرات في حوضنا المتوسطي شكلت على مدى التاريخ القديم والوسيط والحديث والمعاصر ظاهرة إثراء وتلاقح وتثاقف بشري كثيف، ثري وفريد، فإنها اليومَ مع الأسف مصدرُ نزاعاتٍ، وعنصرية وتمييز، ومطية وصم للآخر Stigmatisation، وهو ما يتغذى من الإعلام المضلل؛ والأكثر من ذلك أن الهجرة غَدتِ اليوم في قلب المزايدات الانتخابية في عدد من بلدان الضفة الشمالية لحوض المتوسط، إذ تتصدر معاداة المهاجرين والأجانب برامج وأجندات عدة تشكيلات سياسية، وهي ورقة في المزايدات الانتخابية، وأداة كسب انتخابي”.
كما قال رئيس مجلس النواب رئيس الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط: “يتعين في هذا الصدد عدم إغفال النماذج الناجحة للإدماج وللتدبير المشترك الناجح لظاهرة الهجرة غير النظامية بين الشمال والجنوب، كما يتجسد ذلك في النموذج الذي أعرفه جيدا، نموذج التعاون متعدد الأوجه بين المملكتين المغربية والإسبانية في التعاطي مع الظاهرة”.
ويتعين على كافة الديمقراطيين من أحزاب وقوى ومن مثقفين ومؤسسات في الشمال، يواصل الطالبي العلمي، “العمل على قلب معادلة ربط مشاكل المجتمعات الأوربية بظاهرة الهجرة والتصدي لخطاب كراهية الأجانب، وتذكرِ الأدوار التاريخية للمهاجرين في اقتصادات عدد من بلدان أروبا، وإسهام العديد منهم وأبنائهم ومواطنيهم في الإشعاع العلمي والثقافي والرياضي لهذه البلدان”.
ومن جهة أخرى، أكد العلمي أن “درجات الحرارة في المنطقة الأرومتوسطية سجلت سنة 2023 أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث تسببت الحرائق في إتلاف مساحات غابوية شاسعة؛ ومعنى ذلك أن الحوض المتوسطي يعاني أكثر من غيره من بقاع العالم من انعكاسات الاختلالات المناخية، ويضاف ذلك إلى إجهاد التربة وتدمير الغابات، والاستغلال المفرط للثروات البحرية، والجفاف”.
وأردف رئيس مجلس النواب: “إننا نوجد أمام مسؤولية أخلاقية في الحفاظ على الحوض المتوسطي وإعادة الاعتبار لبيئته؛ فبجانب ما تتسبب فيه هذه العوامل من هجرات وتفقير فإن البشرية قد تفقد بسبب التلويث المفرط لحوض المتوسط واحدا من مصادر التغذية الأكثر غنًى وتنوعا وفائدة في العالم، ومكونا هاما للإرث الطبيعي الإنساني الذي تأسست عليه أعرق الحضارات”.
وختم العلمي كلمته بالتأكيد على أن “المغرب الوفي لتقاليد تعايش، وعيش مشترك، واعتدال، وحرية، لن يتوانى في مواصلة انخراطه الإيجابي الفاعل في تجديد الشراكة الأرومتوسطية؛ كما أن مجلس النواب المغربي الذي كان مؤسسًا رئيسيًّا للبعد البرلماني الأرومتوسطي وتطويره سيواصل التزامه الإيجابي في إطار هذا المسلسل، وحضوره الاقتراحي، مستندا إلى علاقاته مع مختلف مكونات الشراكة الأرومتوسطية وإلى خبرته المؤسساتية التي تتغذى من نموذجه الديمقراطي المؤسساتي الأصيل والمتأصل، الذي يقوده الملك محمد السادس”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
راشيد الطالبي العلمي يزور نواكشوط بعد إعلان تأسيس مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية الموريتانية