الرباط ـ المغرب اليوم
تشكل ظاهرة انتشار المخدرات والتدخين بصفة عامة بين تلاميذ المؤسسات التعليمية بالمغرب مصدر قلق كبير بالنسبة للأسر والفعاليات المدنية والحقوقية، حيث تشير بعض الإحصائيات التي وفرتها مصادر مطلعة لهسبريس إلى أن نسبة تتجاوز 35 في المائة من التلاميذ في الفئة العمرية من 13 و18 سنة متورطة في تعاطي التدخين والمخدرات.
وكشفت المعطيات ذاتها (أرقام غير رسمية) أن هذا الواقع المقلق له آثار خطيرة على صحة التلاميذ البدنية والنفسية، وينعكس سلبا على مستوياتهم التعليمية وسلوكياتهم العامة. كما أصبحت الظاهرة المقلقة تهدد مستقبل الأجيال الصاعدة، على الرغم من الجهود المبذولة من قبل المؤسسات الحكومية والتربوية والأمنية والقضائية والمجتمع المدني.
ولم يُخف عدد من الحقوقيين والمهتمين بالطفولة بالمغرب أن هذه الآفة ما زالت تنتشر بصورة مقلقة، وأن ما يتم رصده أمام بعض المؤسسات التعليمية يعكس خطورة الوضع ويؤكد الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات عاجلة للحد من هذه الظاهرة المقلقة، موضحين أن انتشار هذه الآفات في أوساط التلاميذ والشباب بشكل عام له انعكاسات سلبية خطيرة على صحتهم البدنية والنفسية، وقد يؤدي إلى تراجع مستوياتهم التعليمية وانحرافهم عن مسار النجاح والتقدم.
عبد القادر آيت صالح، واحد من أولياء التلاميذ بإقليم الرشيدية، أكد أن العوامل المساهمة في انتشار هذه الظاهرة بين تلاميذ المؤسسات التعليمية، خاصة ما بين 13 و18 سنة وأيضا الشباب ما فوق الـ20 سنة، متعددة؛ من أبرزها الضغوط النفسية والاجتماعية التي يتعرض لها هؤلاء الذين سقطوا في فخ الإدمان والمخدرات والتدخين.
كما أكد المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في بعض المناطق بالمغرب من بين العوامل أيضا المساهمة في انتشار الظاهرة، مضيفا أن ضعف البرامج التوعوية والإرشادية في المؤسسات التعليمية والجامعات يلعب دورا كبيرا في تفاقم المشكلة، التي تزيد من حدتها سهولة الحصول على المواد المخدرة والمحظورة وانتشار شبكات التجارة غير المشروعة في مناطق بعيدة عن أعين السلطات الأمنية.
محسن بنزاكور، الدكتور المتخصص في علم النفس الاجتماعي، قال، في تصريح لهسبريس، إن ظاهرة التدخين في المؤسسات التعليمية، خصوصا ظاهرة السيجارة الإلكترونية، أصبحت منتشرة بين الأطفال الذين لا يتجاوز عمرهم 9 و10 سنوات، موضحا أن انتشار المخدرات في المدارس العمومية يطرح أكثر من سؤال، وفق تعبيره.
وأضاف بنزاكور أن الدراسة التي قام بها سنة 2007 في إطار البحث على العلاقة بين تدبير الزمن المدرسي والكآبة، بشراكة مع منظمة الصحة العالمية وكلية العلوم بعين الشق، وقفت على أن مجموعة من الآباء وأولياء التلاميذ هم من يمولون دخول المخدرات والسجائر بكل أنواعها إلى المدارس، لافتا إلى أن “هذا المعطى كان بمثابة صدمة بحكم أن الجميع كان يعتقد الأمر لن يصل إلى هذا المستوى من التدني”.
وأفاد المتخصص في علم النفس الاجتماعي بأن الدراسة سالفة الذكر بينت أن كل ثانوية تجد أمامها من يبيع المخدرات من “السجائر أو المعجون، ومؤخرا السجائر الإلكترونية”، متسائلا عن أسباب الغياب الكلي لوسائل الوقاية لأطفالنا، مشددا على ضرورة تحرك الآلة الأمنية في المؤسسات العمومية بسبب السمعة المرضية والانحرافية للتلاميذ بسبب المخدرات والتدخين بصفة عامة، وأيضا محاربة تربص بعض السيارات بأبواب المؤسسات التعليمية للتحرش ولربما لتحويل التلميذات إلى ما لا يحمد عقباه.
ولم يُخف بنزاكور أن المدرسة العمومية، وهذه حقيقة اجتماعية، مستهدفة من تجار الجنس والمخدرات وتجار السجائر والمعجون، مؤكدا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون التلميذ مسؤولا عن هذه الانحرافات باعتبار طبيعة المراهق أو الطفل بشكل عام.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أدلة جديدة تربط بين التدخين السلبي واضطراب خطير وشائع في القلب