الرباط - المغرب اليوم
مرة أخرى، يبعث المغرب، رسائل مشفرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حين عبّر عن اختياره التعاون مع الصين ردا على ما وصفه "الفوضى الخلاقة" في المنطقة، وهو المصطلح الذي اشتهرت به الإدارة الأمريكية إبان حكم الرئيس الأسبق جورج بوش الابن، وذلك بالتزامن مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها الملك محمد السادس إلى جمهورية الصين منذ الأربعاء المنصرم.
موقف المملكة جاء على لسان أمباركة بوعيدة، الوزيرة المنتدبة في الشؤون الخارجية والتعاون، في كلمة لها يوم الخميس ضمن الاجتماع الوزاري السابع لمنتدى التعاون العربي الصيني المنعقد الدوحة، بالقول: "في سياق إقليمي ودولي متسم بنشوب أزمات متعددة في آن واحد، خاصة في المنطقة العربية، وتنامي ظاهرة الإرهاب، أطلق البعض مِمَّنْ يؤمنون بالفوضى الخلاقة العِنَانَ للتنظير في شأن مستقبل المنطقة والعالم".
وأضافت بوعيدة أن حرص المغرب على مواجهة هذا التوجه الدولي وتقديم البديل السليم لهُ "يشكل سبباً كافياً لوحده كي نمضي في تعاوننا العربي الصيني بخطى أسرع وبعزيمة أقوى حتى نبرهن أنه لا حياد عن مفهوم الدولة العصرية في بناء المنتظم الدولي"، مضيفة أنه لا مَنَاصَّ "من نُصْرَةِ مبادئ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان واحترام السيادة الترابية وتغليب فكر التكتل على نزعة التفتيت والتشرذم، لِـنُسْهِمَ في إعادة بناء أرضية الالتزامات الدولية، الكفيلة بتحقيق السلم والأمن الدوليين".
وكشفت بوعيدة عن طموح الرباط إلى تعميق الحوار الاستراتيجي مع الصين، "نَـتَـطَـلَّعُ إلى تطوير العلاقات الاقتصادية والاستثمارية والتجارية والتقنية والثقافية مع الصين"، معتبرة أن الترحيب الجماعي بمقترحات إحياء طريق الحرير والحزام البحري للطريق للقرن الواحد والعشرين "يعدُّ دليلا على إرادتنا في التقريب بين شعوبنا وجلب المنافع المتبادلة لها".
وتابعت بوعيدة قائلة: "بُعْدُ المسافات لن يثني المغرب عن تقوية علاقاته مع الشركاء الدوليين الوازنين، سواء في الإطار الثنائي أو متعدد الأطراف"، مشيرة إلى أن "العراقة في التاريخ، والإسهام في بناء الحضارة، والتبصرُ في رسم معالم الغد.. كلُّها قواسم مشتركة تُحَفِّـــزُ بلادي على تعبئة إمكانياتها وطاقاتها من أجل الارتقاء بالعلاقات مع الصين إلى أعلى المستويات، دفاعاً عن الأمن والاستقرار، وخدمةً للتنمية المستدامة".
واستعرض الجانب المغربي مساهمات المملكة في تنزيل شراكات متعددة الأبعاد مع الطرف الصيني، مذكرا بنموذجين عمليين "منسجمين مع أولوياتنا؛ ألا وهما اعتزام المغرب إنشاء واحتضان المركز العربي الصيني لمكافحة التصحر، إلى جانب أحد المراكز العربية الصينية لنقل التكنولوجيا، واللذين من شأنهما تطوير تعاوننا من أجل تنميةٍ مستدامةٍ نافعة للإنسان والأرض".
كلمة بوعيدة لم تنس القضية الفلسطينية؛ إذ ثمنت مواقف جمهورية الصين الشعبية تُجاه القضية والقدس الشريف، مطالبة بـ: "وقفُ الاستيطان ورفعُ الظلمِ عن الفلسطينيين من خلال تمكينهم من إقامة دولتهم فلسطين المستقلة والقابلة للحياة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ سنة 1967 وعاصمتها القدس الشرقية"، مشيرة إلى أن السبيل في ذلك هو ضرورة الإسراع بإيجاد تسوية عادلة على أساس حل الدولتين، والقضاء على العديد من مسببات زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.