الرباط - المغرب اليوم
تحولت جلسات مجلس المستشارين الأسبوعية المخصصة لمساءلة أعضاء الحكومة إلى مهزلة حقيقية بفعل استمرار تعطل أجهزة عمل الكاميرات وجهاز البث التلفزي وغياب شبه تام للمستشارين البرلمانيين عن الجلسات العامة، الأمر الذي خلف موجة غضب واسعة لدى أعضاء الغرفة الثانية، الذين دعوا إلى ضرورة فتح تحقيق بخصوص ما يروج عن خبايا صفقة أجهزة الصوت.
واحتج أعضاء الفرق البرلمانية، في الجلستين الماضيتين، على استمرار توقف البث التلفزي لجلسة الأسئلة الشفوية وحجب صور البرلمانيين والوزراء والاكتفاء بسماع أصواتهم فقط، مع تركيز الكاميرا على منصة رئيس الجلسة.
وفي جلسة الثلاثاء الماضي، تفاجأ المستشارون باستمرار تعطل كاميرات القاعة الرئيسية بالمجلس، وهو ما دفع عبد الحميد الفاتيحي، عضو الفريق الاشتراكي، إلى المطالبة بنقل جلسات الأسئلة الأسبوعية إلى قاعة مجلس النواب.
كما شهدت الجلسة ذاتها غيابا فضيعاً للمستشارين البرلمانيين؛ إذ من أصل 120 عضوا حضر فقط 16 مستشارا برلمانيا، وأثارت الجلسة سخرية واسعة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا عندما ظهر الناطق الرسمي باسم الحكومة الوزير المكلف بالعلاقة مع البرلمان، مصطفى الخلفي، يخاطب كراس فارغة.
وفي الوقت الذي نجح فيه مجلس النواب في التقليل من ظاهرة غياب البرلمانيين بعد شروعه مؤخرا في سياسة الاقتطاع من الأجر وفضح المتغيبين في جلساته العمومية، فشل رئيس مجلس المستشارين، حكيم بنشماش، في ضبط حضور المستشارين في الجلسات العامة.
وتنص المادة 163 من النظام الداخلي لمجلس النواب على الاقتطاع من التعويضات الشهرية الممنوحة للعضو المتغيب بحسب عدد الجلسات التي وقع خلالها التغيب بدون عذر مقبل، لكن مصادر برلمانية أكدت لهسبريس أن بنشماش لم يفعل هذا القرار إلى يومنا هذا.
المستشارة البرلمانية رجاء كساب، عن مجموعة الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، أكدت أن مسألة الغيابات أصبحت ظاهرة كارثية بمجلس المستشارين، مشيرة إلى أن فريقها طالب في الدورة الماضية بتفعيل النظام الداخلي بالاقتطاع من أجور المتغيبين كما هو الشأن بالنسبة لمجلس النواب.
وأضافت رجاء في تصريح لهسبريس: "لا يعقل استمرار هذا الوضع، في كل جلسة عمومية نقوم بِعدِّ عدد البرلمانيين الحاضرين وهم على رؤوس الأصابع"، وأوردت أن مجموعة "السي دي تي" طالبت بتقليص مدة التوقيت بالنسبة لمداخلات الفرق التي تشهد أكثر الغيابات ما دام أن الاقتطاع من الأجر والتعويضات لا يفعل.
وأشارت المتحدثة إلى أن صورة المؤسسة البرلمانية مع هذا الوضع بمجلس المستشارين، "تزداد تدمرا لدى الرأي العام المغربي، وبالتالي على رئاسة مجلس المستشارين أن تتخذ إجراءات عاجلة للحد من ظاهرة تغيب البرلمانيين".
ويضطر مجلس المستشارين إلى المصادقة على مشاريع قوانين مهمة بمن حضر، خصوصا في اللجان البرلمانية حيث يتم تمرير قوانين بتصويت عضويين أو ثلاثة أعضاء. وتطالب بعض الفرق البرلمانية بتغيير ذلك بداعي أنه لا يمكن أن يتم تشريع قوانين بأقل من 50 في المائة من عدد أعضاء المجلس أو اللجان.
من جهته، أوضح نبيل الشيخي، رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، أن بعض الصور التي راجت بخصوص قلة الحضور في الجلسة السابقة هي "غير صحيحة"، لكنه أكد أن استمرار العطب في أجهزة الصوت هو ما زاد من سوء تدبير جلسة الثلاثاء.
وأشار الشيخي، في تصريح لهسبريس، إلى أنه بعد تقليص عدد أعضاء مجلس المستشارين دستوريا من 270 عضوا إلى 120 باتت القاعة المخصصة للجلسات أكبر بكثير من عدد المستشارين حتى وإن حضروا جميعاً.
وبخصوص العطب في أجهزة الصوت، أوضح الشيخي أن "المشكل يتعلق بتقادم الأجهزة المتهالكة، وهو ما كان يتطلب مبادرة استباقية لإصلاحها، لكن ذلك مع الأسف الشديد لم يتم"، وأكد أن تعطل هذه الأجهزة في مؤسسة دستورية "خطأ جسيم، وليس طبيعيا أن نسقط في هذه الوضعية السيئة التي تنقل إلى الرأي العام على التلفزة".
مصادر هسبريس من المستشارين أكدت وجود خلافات بين أعضاء مكتب المجلس بخصوص صفقة عمومية لشراء معدات جديدة تقدر بنحو ملياري درهم، أسالت لعاب بعض المكونات السياسية بالمجلس التي طالب بمنحها إلى شركات مقربة منها، قبل أن يتم تعليق الصفقة.
وعلى إثر ذلك، راسلت فرق برلمانية بنشماش من أجل فتح تحقيق في أسباب تعطل الأجهزة وحقيقة الصفقة التي يتحدث عنها الجميع بالغرفة الثانية.
قد يهمك أيضًا :
مجلس الحكومة المغربية يُصادق على مقترح تعيينات في مناصب عليا
حكيم بنشماش يستدعي وزراء مغاربة لتقديم حصيلتهم في مُحاربة الفقر