الجزائر – ربيعة خريس
تحول الشريط الحدودي الفاصل بين الجزائر ودول الجوار التي تشهد اضطرابات أمنية كبيرة, إلى مصدر قلق كبير بالنسبة لها, بخاصة في ظل ارتفاع فرضيات عودة عناصر تنظيم " داعش " من العراق وسورية, وإمكانية تشكيل العناصر الأفريقية والمغاربية قواعد للتنظيم في منطقة الساحل الصحراوي, وهو كما كشف عنه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في مذكرة عرضها رئيس الوزراء عبد المجيد تبون, خلال قمة الاتحاد الأفريقي التي انعقدت أخيرًا في أديس أبابا, قائلًا إن هناك أكثر من خمسة آلاف أفريقي من جنسيات مختلفة ينشطون مع الجماعات المتطرفة في القارة وفي مناطق النزاعات المسلحة الأخرى, وعرج للحديث عن التحديات التي تواجه القارة الأفريقية بأكملها بسبب التهديد الذي يشكله هؤلاء الأشخاص لدى عودتهم إلى بلدانهم أو بلدان أخرى في المنطقة, وتحدث عن وجود محاولات تقوم بها الجماعات المتطرفة للتجمع أو التوحد في منطقة الساحل الأفريقي، ليست غريبة على حركات العودة والتوقعات المستقبلية للأعمال المتطرفة في هذه المنطقة.
وتزامنًا مع هذا الحراك كثفت وزارة الدفاع الجزائرية, خلال الأسابيع الماضية, الرقابة على الشريط الحدودي البري, وسخرت تعزيزات أمنية استثنائية للناحيتين العسكريتين الرابعة والسادسة، في كل من ورقلة وتمنراست تربطان الجزائر بكل من مالي والنيجر وليبيا, ونشرت قوة عسكرية قوامها 3 آلاف عنصر من الدرك الجزائري, لمواجهة ظاهرة الهجرة غير الشرعية وفرضيات تسلل متطرفين ضمن قوافل اللاجئين الأفارقة.
وتتطابق هذه المعطيات مع تلك التي تضمنها تقرير وزارة الخارجية الأميركية بشأن التطرف الدولي وخطورة التهديدات المتطرفة التي شهدتها القارة الأفريقية خلال عام 2016 ولا تزال تشهدها حتى الآن, ونبه التقرير إلى خطورة تنظيم " أنصار الدين " الأصولي المتطرف في جمهورية مالي وارتفاع وتيرة نشاطه منذ نهاية العام 2013 برغم العمليات الأمنية الفرنسية والأفريقية المشتركة والتي حالت دون بسط التنظيم لسيطرته الكاملة في مناطق في شمال مالي منها مدينتا تيدال وتمبوكتو الإستراتيجيتان بالقرب من الحدود الجزائرية.
وبخصوص شمال أفريقيا, تحدث التقرير عن خطورة تنظيمي " أنصار الشريعة " في منطقتي " درنة " و " بنغازي ", ملمحًا إلى وجود تعاون بينهما في أنشطة التجنيد و الاستهداف ، وأرجع التقرير إلى كلا التنظيمين حالة عدم الاستقرار الأمني الذي شهدته الأراضي الليبية على مدار العام 2016 ، وذلك برغم أدراجهما على قائمة المنظمات المتطرفة الصادرة عن الخارجية الأميركية في عامي 2013 و2014 على التوالي, كما نبه التقرير إلى وجود جماعات تحمل اسم هذا التنظيم في تونس نفذت عمليات متطرفة خلال العام 2012 واغتيالات لسياسيين في عامي 2013 و2014 .
وكشف التقرير أن تنظيم " داعش " بدأ نشاطه على الأراضي الليبية,عام 2014, وسعى إلى التمدد إلى دول الجوار مما دفع الإدارة الأميركية إلى إدراج " تنظيم داعش – ليبيا " على لائحة التنظيمات شديدة الخطورة وكان ذلك بتاريخ 20 مايو/أيار 2016 حيث يتخذ هذا التنظيم من مدينة درنة الليبية مقرًا عملياتيًا له .
ولم يستبعد التقرير كون تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بمثابة التنظيم الأم الذي اخرج كافة التنظيمات الأخرى على مستوى إقليم كل دولة وذلك بعد أن أعاد تنظيم القاعدة " الأم " ترسيم إستراتيجية عمله من المركزية إلى اللامركزية بعد مقتل قائده أسامة بن لادن واختفاء الآباء الأوائل من قيادات التنظيم.