الجزائر – ربيعة خريس
أدى تقهقر الجماعات المتطرفة في ليبيا، وبروز جبهة "الدفاع عن الإسلام والمسلمين"، التي تضم أربعة جماعات متطرفة، وهي "المرابطون"، التي انشقت عن تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب العرب الإسلامي"، ثم عادت إليه، و"إمارة الصحراء"، وهي فرع "القاعدة" وضمت العائدين من الصراعات في أفغانستان وسورية والعراق، و"أنصار الدين"، التي يتزعمها إياد آغ غالي، والمنتشرة في منطقة بين الجزائر والنيجر ومالي، وتستطيع أن تتسلل منها إلي ليبيا، و"كتائب ماسينا"، وهي تنظيم ينشط شمال مالي بين قبائل الفولان، إلى إثارة مخاوف السلطات الجزائرية من إمكانية تسلل المتطرفين وتنفيذ هجمات متطرفة، خلال العشر الأواخر من شهر رمضان. وأعطت قيادة المؤسسة العسكرية، بالتنسيق مع أجهزة الأمن، تعليمات إلى مصالحها المرابطة على الحدود التي تربط الجزائر بمختلف بؤر التوتر، والأخرى التي تتكفل بحماية المحافظات الداخلية، برفع أقصى درجات اليقظة تحسبًا لشن عمليات متطرفة خلال هذه الأيام، والتي تعتبرها الجماعات المتطرفة "عشر الجهاد".
ويذكر أن تنظيم "داعش" دعا، في رسالة صوتية، نشرت الإثنين، مقاتليه الموجودين في الأراضي السورية والعراقية، وأيضًا الموجودين في منطقة المغرب العربي، كتونس والجزائر، إلى اغتنام ما تبقى من شهر رمضان لشن هجمات، فهذا الشهر يعتبر واحدًا من المحطات المقدسة في أدبيات مختلف التنظيمات المتطرفة، التي تحاول تسجيل حضورها بقوة امتثالاً لما تراه "أفضلية الجهاد". وكثفت مصالح الأمن الجزائرية، بالتنسيق مع قوات الجيش، عملياتها الاستباقية التي تستهدف الخلايا النائمة، والتي تنشط بكثرة في محافظات الشرق الجزائري، كمحافظة قسنطينة، التي شهدت توغلاً كبيرًا للمتطرفين، رغم أنها كان تعرف بهدوء تام، وهو ما أثار مخاوف السلطات الأمنية الجزائرية وفجر تساؤلات عن أسباب اختيارهم هذه المنطقة بالذات، إذ عُرف في السابق أن المتطرفين موجودين بكثرة في أعالي جبال منطقة القبائل، أو في الصحراء.
وأعلنت وزارة الدفاع الجزائرية، الإثنين، عن اعتقال ثلاثة متطرفين خطرين وثلاثة عناصر دعم وإسناد في منطقة علي منجلي، في محافظة قسنطينة، شرق الجزائر. واسترجعت قوات الجيش الجزائري مسدسين آليين، وكمية من الذخيرة، وسيارة، وجهاز إعلام آلي محمول، وهواتف نقالة، ومبالغ مالية بقيمة 84500 دينار جزائري، و202400 يورو. وأوضحت الوزارة أن المتطرفين الموقوفين هم م. عمر، الملقّب بـ "القعقاع "، والذي التحق بالجماعات المتطرفة في 2008، ود. عبدالله، المكنّى "حسان العاصمي"، والذي التحق بالمتطرفين في 2007، وع. معاذ. ووفق مصادر أمنية لازالت عملية التمشيط وتعقب فلول المتطرفين متواصلة في هذه المنطقة.
ودفع توتر الأوضاع في ليبيا، وإعلان أربعة تنظيمات متطرفة الاندماج في تنظيم "جماعة المسلمين وأنصار الإسلام"، والتي تنشط شمال مال، على بعد كيلومترات من الجزائر، بنائب وزير الدفاع الجزائري، قائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، إلى تكثيف زيارته الميدانية إلى المناطق الحدودية الجنوبية، لحث القيادات العسكرية الميدانية على مزيد من الحذر واليقظة، ورفع حالة الاستنفار الأمني تأهبًا لأي لمواجهة مع التنظيم لاستهداف منشآت داخل الجزائر. ومنذ شهر مارس / آذار الماضي، قام بأكثر من أربع زيارات لمحافظة إيليزي، بالقرب من الحدود الجزائرية الليبية، ومحافظة تمنراست، على حدود الجزائر مع مالي والنيجر.
وكثفت الجزائر، أخيرًا، تنسيقها مع دول الجوار الليبي، كتونس ومصر. واتفقت الأطراف الثلاثة في الاجتماع الذي جمع وزراء خارجية كل من مصر وتونس والجزائر، على إعداد قائمة بالمنظمات المتطرفة الموجودة في ليبيا، وتحديد المواقع التي تنشط فيها. ورغم التهديدات الأمنية القائمة على حدود الجزائر، نجحت الأخيرة في محاربة أي محاولات استعراضية لتنظيم "داعش" على أراضيها، وأثبتت العمليات الناجحة التي نفذها الجيش الجزائري أنه من المستحيل أن يكون لهذا التنظيم قدرة على السيطرة عليها.