الجزائر – ربيعة خريس
بدأت الجزائر، خلال الساعات الماضية، في ترحيل العشرات من المهاجرين السريين إلى دولة النيجر, في إطار اتفاق وُقع بين الحكومتين الجزائرية والنيجرية. وكشف الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية، عبد العزيز بن علي الشريف، عن أن السلطات الجزائرية قررت استئناف عمليات ترحيل الرعايا النيجريين المقيمين في الجزائر بطريقة غير شرعية، ابتداءً من الأول من أغسطس / آب الجاري، بالتنسيق مع نظيرتها النيجرية، للتصدي لظاهرة الهجرة غير الشرعية ومحاربة شبكات الإتجار في البشر.
وقال الشريف إن هذه العمليات تندرج في إطار سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجزائرية، بهدف تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية, خاصة النيجر ومالي, بهدف وضح حد للتدفق الكبير للأفارقة.
واتخذت الجزائر مختلف التدابير والإجراءات بالتعاون مع كل القطاعات المعنية، بما فيها الهلال الأحمر الجزائري، لتتم عمليات الترحيل في أحسن الظروف الممكنة، وبما يضمن احترام كرامة وحقوق الإنسان، وفقًا لالتزامات الجزائر الدولية في هذا المجال. وأكدت السلطات الجزائرية حرصها على أن تتم عمليات الترحيل عبر مختلف المراحل في أفضل الظروف، فيما يرفض عدد من اللاجئين الأفارقة، في عدد من المناطق التي يكثر وجودهم فيها كمنطقة الرغاية، التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة، فكرة العودة إلى الديار بسبب الاضطرابات الأمنية التي تشهدها النيجر، والتهديدات الخطيرة التي يشكلها تنظيم "بوكو حرام" المتطرف.
وقال مامادو، البالغ من العمر 28 عاما, والقادم من أحد أحياء شمال النيجر, في تصريحات إلى "العرب اليوم"، إنه قطع رحلة محفوفة بالمخاطر في الصحراء, وقرر مواصلة رحلة الموت ومر بالعديد من المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون وقطاع الطرق, وتحمل الجوع والعطش وحرارة الشمس الحارقة وخطر التيه في الصحراء بهدف الوصول إلى الجزائر, فالكل يفضلون السفر إلى هذا البلد بسبب توافر فرص العمل، كما أن شعبه معطاء, والأكثر من هذا أنهم يرونه جسر عبور من القارة السمراء إلى نظيرتها الأوروبية. وقال، والحزن يملأ وجهه، إنه خاض رحلة مليئة بالأمل للحصول على حياة أفضل والعيش في استقرار بعيدًا عن القتل والاغتصاب والاختطاف، وغيرها من الجرائم البشعة التي ترتكبها الجماعات المتطرفة المسيطرة على جزء واسع من شمال النيجر, مبينًا أنه يرفض العودة إلى بلده والوضع الذي كان يعيشه قبيل وصوله إلى الجزائر. وفي وقت شرعت فيه السلطات المحلية في ترحيل المهاجرين الأفارقة, فرضت السلطات الأمنية الجزائرية رقابة صارمة على الحدود التي تربط الجزائر بكل من مالي والنيجر, للحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين القادمين من مختلف البلدان الأفريقية، كنيجيريا ومالي وبوركينافاسو وليبيا، وغيرها من الدول التي تشهد أزمات داخلية.
ونشرت وزارة الدفاع الجزائرية ثلاثى آلاف عنصر أمن لمنع تسلل المهاجرين السريين إلى أراضيها، خوفًا من توغل متطرفين تابعين لأخطر التنظيمات المسلحة، والتي يفوق عددها بعة تنظيمات تنشط في منطقة الساحل، أبرزها تنظيم "المرابطون" الذي يقوده مختار بلمختار، ومحاولة ضرب منشآت حساسة في الجنوب الجزائري, وكثفت من الحواجز الأمنية على طول الطرقات التي تربط بين الجزائر ومالي والنيجر, والتي تربط بين تمنراست وتينزاوتين وتمنراست وعين قزام، إضافة إلى الطريق الرابط بين برج باجي مختار ومدينة أدرار. وتحاول الجزائر فرض مقاربة جديدة في مواجهة الهجرة السرية من الدول الأفريقية, للحد من تدفق المهاجرين السريين الذين أصبحوا يشكلون مصدر قلق كبير لها وللدول الأوروبية.