الرباط ـ المغرب اليوم
لم يكن إعلان رئيس وزراء النيجر، علي محمد لمين زيني، عن زيارة رسمية إلى المملكة المغربية، مرافقا بوزيري الدفاع والخارجية، حدثا عاديا في علاقات الرباط مع هذا البلد الذي انضم بالفعل لمبادرة الأطلسي.“الزيارة الفريدة” من نوعها إلى البلد الأكثر ربحا من فترة ما بعد الانقلابات في منطقة الساحل الإفريقي، تعزز موقع الرباط في المنطقة التي تشهد منافسة خارجية شديدة، وخاصة مع الجارة الشرقية.وتعيش النيجر، كما هو الحال لدى مالي، على وقع علاقات متوترة مع الجزائر، التي تسارع في الوقت الحالي لجذب موريتانيا كورقتها المتبقية للتعزيز النفوذ، ومواجهة مبادرة الأطلسي المغربية، لكن زيارة الوفد رفيع المستوى النيجري تضع الرباط مجددا في مقدمة سباق المنافسة مع قصر المرادية.
ويضع مراقبون لقضايا الساحل الإفريقي والصحراء أعينهم على هاته الزيارة التي من المرتقب أن تحمل الكثير من المتغيرات في العلاقات المغربية النيجرية، وعلى الخصوص ملف الصحراء، الذي تبقى نيامي فيه ضمن دول الحياد الإيجابي ودعم قرارات الأمم المتحدة.الحقيبة الدفاعية مؤشر آخر مهم لتعويل دول الساحل الإفريقي على الرباط في مواجهة فترة ما بعد الانقلابات، التي تتميز بتعاظم التهديدات الإرهابية والتدخل الخارجي في شؤونها الداخلية.يرى عبد الحق باسو، خبير أمني واستراتيجي، أن قراءة علاقات المملكة المغربية مع الدول الأخرى يجب ألا تنحصر في قضية الصحراء فقط، فهاته الزيارة تجسيد لروح التضامن المغربي مع الأشقاء الأفارقة.
وقال باسو، ، إن “تغير موقف النيجر بشكل كامل في هذا الملف، سيكون نتيجة لروح التضامن التي تقدمها الرباط، إذ يعي القادة هناك بأهمية الرباط في المنطقة كشريك حقيقي”.وأضاف الخبير الأمني والاستراتيجي أن حضور الحقيبة الدفاعية في هاته الزيارة، “يجب ألا يبقى منحصرا في الشق الأمني الصرف، فربما نيامي تريد الاستفادة من الخبرة المغربية الطويلة في مجال مكافحة الإرهاب، وهاته المسألة تعاني منها دول الساحل”.
وأوضح باسو أن “النيجر تعي حاليا أن المملكة والعلاقات معها مهمة للغاية من أجل مستقبلها، وبالتالي تغير موقفها من الصحراء سيكون نتيجة فقط، وليس حلقة مهمة”.وشدد المتحدث ذاته على أن “المغرب يضع التعاون والتضامن مع فضائه الإفريقي في صلب الاهتمامات، وهي الحلقة الرئيسية التي تفسر سيرورة العلاقات مع جل هاته الدول، أهمها الساحل”.وأجمل قائلا إن “المغرب بعد فترة الانقلابات في الساحل لم يسر وفق خطوات القطيعة التي نهجتها قوى إقليمية على غرار تكتل سيدياو، بل وفق بيداغوجيا حكيمة تهم خصال التضامن”.قال لحسن أقرطيط، خبير في العلاقات الدولية، إن “هاته الزيارة لها دلالات قوية ومهمة، وهي تجسيد لرغبة حقيقية في تعزيز التعاون مع الرباط، خاصة وأن السلطة الجديدة في النيجر تعاني تحديات مهمة، على الخصوص الإرهاب”.
وبين أقرطيط، في حديث لهسبريس، أن السلطة في النيجر تريد التعويل على الرباط من أجل مكافحة الإرهاب، من خلال تقوية أمنها ودفاعها، خاصة وأن “الرباط مدرسة دولية في مكافحة الإرهاب”.وأضاف أن “الانطلاقة المهمة في تعزيز التعاون الأمني الدفاعي، تأتي من شق وجود أطر مهمة داخل الجيش النيجيري تكونت داخل الأراضي المغربية، ما يشكل نقطة تواصل أساسية بين البلدين”.واعتبر المتحدث أن “شق مبادرة الأطلسي هو متنفس للنيجر، كما هو الحال لدى مالي وبوركينافاسو والتشاد، وحلقة مهمة لتعزيز مبادلاتها التجارية التي باتت تضيق بعد مرحلة الانقلاب والانسحاب من تكتل سيدياو”.واستطرد الخبير في العلاقات الدولية بأن “هاته الزيارة إشارة مهمة من النيجر، وتحمل بعدا استراتيجيا كبيرا، وتشكل مرحلة جد بارزة في علاقات الرباط ونيامي”.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :