الرباط-رشيدة لملاحي
عبّر إلياس العماري الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في مقال له نشر أمس السبت، عن أن إثارة مسألة مجانية التعليم " لا تترجم فقط استشعارا للخطر الذي يتهدد مجانية التعليم المزعومة في منظومتنا التربوية الوطنية، وإنما تعبر عن الإحساس بإثارة جرح طبقي غائر في تاريخ تعليم بنات وأبناء المغرب منذ الحماية إلى اليوم".
وأكد العماري أن الرأي الاستشاري الذي قدّمه المجلس الأعلى للتعليم "يشكل في سياقه الحالي عامل استفزاز إضافي لوضع سياسي يكاد يكون استثنائيا، يؤثثه فراغ مؤسساتي، بفعل التباسات ومتاهات تشكيل الحكومة، وعطالة المؤسسة التشريعية، وانسداد الحوار الاجتماعي، كعلامات صارخة على وضعية تنذر بعواقب سلبية محتملة على السلم الاجتماعي".
ووقف العماري في مقاله عن تاريخ التعليم المغربي محاولا فهم السياسة التعليمية منذ الاستقلال قائلا إن "الطبقة السياسية التي تتحكم في القرار تنتهج استراتيجيات السياسة التربوية والتعليمية بخلفية الحفاظ على وضعها النخبوي، وبرغبة توريث هذا الوضع للطبقة نفسها، فمن المنطقي جدا أن تخلق مسارين تعليميين بمضامين ومناهج وفضاءات مختلفة. ففي الوقت الذي كانت رموز الحركة الوطنية تدعو عموم الشعب إلى التشبث بأصول "الهوية العربية" للمغرب وبأصالة الثقافة المغربية من خلال "تعريب" المنظومة التعليمية، كانت ترسل بناتها وأبناءها إلى مدارس البعثة الفرنسية وإلى المدارس والجامعات العريقة في الخارج".
وأضاف الأمين العام لحزب "البام" أن "نظامنا التعليمي الحالي يكرس المنطق الطبقي نفسه الذي ولد مع الاستعمار وترعرع مع الحركة الوطنية وتقوى عظمه مع مسلسلات الإصلاح لما بعد الاستقلال؛ فالمجانية التي نخاف عليها اليوم هي في الحقيقة مجرد وهم يتم تسويقه للطبقات الفقيرة من مجتمعنا."
ودعا العماري إلى "يكون النقاش حول المجانية مجديا ينبغي أن يتم في إطار نقاش أكاديمي وسياسي ومجتمعي شامل، يضع رهانات الإصلاح الناجع للتعليم ببلادنا في نفس درجة رهانات الدفاع عن وحدة وأمن البلاد". و أنه "ويجب التعامل مع قطاع التربية والتعليم بإعطائه المكانة نفسها التي يحظى بها قطاع الدفاع الوطني، بعيدا عن الاحتكام إلى منطق الأقلية والأغلبية، أو إلى منطق التمييز بين الحاكم والمحكوم أو الفقير والغني."
وختم الأمين العام لحزب الجرار مقاله بكون المغرب " في حاجة إلى نقاش إستراتيجي بناء وهادئ، يسمو بالمدرسة والجامعة العموميتين، كمكتسب وطني وشعبي، فوق كل المصالح الفئوية والظرفية ونزعات الفرق الضدية. يُذكر أن مسألة المجانية أثارت مؤخرا جدلا غير مسبوق بعد إقرار المجلس الأعلى للتربية و التكوين لمشروع قانون إطار يسمح بفرض رسوم على الأسر في التعليمين الثانوي و العالي، مع وضع نظام "خاص" لاستثناء الأسر المعوزة من هذه الرسوم.