تونس - حياة الغانمي
علّق القيادي في حركة "نداء تونس"، والناطق الرسمي باسم الحكومة سابقًا، خالد شوكات، على تولي بعض الأشخاص مناصب عليا في الدولة، دون أن يكون لهم تأهيل جامعي، معتبرًا ذلك انحطاطًا وانحدارًا في الحياة السياسيّة.
وأضاف أنه في بلد نال استقلاله قبل ما يزيد عن ستين عامًا، وراهن زعيم حركته الوطنية وباني دولته المستقلة الزعيم الحبيب بورقيبة، كما لم يراهن زعيم من قبل على التعليم، وأصبح بذلك نموذجًا في العالم النامي يضرب به المثل، وثورته من أجل الحرية والكرامة والديمقراطية كانت ثورة فريدة من نوعها، وتجربته في الانتقال الديمقراطي والحوار الوطني نالت أعلى وسام دولي وأهم جائزة عالمية، وكان تفسير كل ذلك يرد إلى المستوى التعليمي لنخبه.
وفي دراسة للدكتور منير الشرفي نشرت قبل أعوام، أن وزراء بورقيبة الذين تجاوزوا الـ400 في عددهم طيلة ثلاثين عامًا، من حكمه المديد لم يتجاوز عدد من لا يحمل شهادة جامعية من بينهم أصابع اليد الواحدة، وفي عهد الرئيس بن علي الممتد على 23 عامًا لم يختلف الأمر بالنسبة للوزراء، وزاد عليه قانون يحرم من لا يحمل تأهيلًا جامعيًا من دخول البرلمان وشغل الوظائف العليا للدولة.
وأصبح اليوم في عام 2017، سبعة أعضاء في الحكومة بلا شهادة جامعية، و 85% من نواب الشعب لم يتجاوزوا البكالوريا، ومن مستشاري رئيس الجمهورية، من لم يدرس في الجامعة إلا سنة أو سنتين، إضافة إلى قيادات حزبية تجول في المنابر الإعلامية وتحلل وتبين الحلول للأمة كيف تخرج من أزمتها، وهي أقرب في مستواها العلمي للأمية.
وتساءل أي وضع انحدرت إليه حياتنا السياسية، وإلى من مرجع هذا الانحطاط، ومن يجد مصلحة في الحفاظ عليه، لماذا تراجع أهل الاختصاص والعلماء والخبراء والمفكرون والمثقفون، وتقدم الغوغاء والدهماء و"الباندية" أي "الفتوة" ؟، ومن الذي غلب السوقة وعديمي الأخلاق على الشرفاء والأخيار؟، ومن استقوى بذوي العضلات المفتولة على ذوي العقل والعدل والنزاهة؟. وهل بمستطاعنا ربح رهان الحضارة بإهانة التربية والتعليم وترقية اللاتربية واللاتعليم؟ أي رسالة نحب توجيهها وأي إشارات نريد إرسالها لأجيال المستقبل.. وللعالم؟".