الرباط - المغرب اليوم
يُشكِّل الاعتقال الاحتياطي، معضلة في النظام القضائي للمغرب، إذ رغم مرور خمس سنوات على تعهد وزارة العدل والحريات المغربية بإقرار تدابير لتقليص عدد المسجونين احتياطيًا، ووسط شكوى مستمرة من إدارة السجون، فإن نسب المعتقلين الاحتياطيين ما زالت تراوح مكانها.
ويوجد 32 ألفًا و160 شخصًا في السجون المغربية حتى شهر أبريل/نيسان الجاري، تنفيذًا لتدابير الاعتقال الاحتياطي، وهو ما يمثل 40 في المائة من المجموع العام لعدد السجناء البالغ عددهم بالضبط 80 ألفًا و410 أشخاص، بحسب ما ذكره حسن حمينة، المدير الجهوي لمديرية السجون في الدار البيضاء، في يوم دراسي حول الاعتقال الاحتياطي عُقد بداية هذا الأسبوع في الدار البيضاء.
وأودعت محاكم الدار البيضاء، وحدها 17570 شخصًا في عام 2016 قيد تدابير الاعتقال الاحتياطي، أي حوالي 55 في المائة من مجموع المعتقلين الاحتياطيين. بحيث قدم لدى النيابة العامة في الدائرة القضائية لـ محكمة الاستئناف في الدار البيضاء 11 ألفًا و85 شخصًا، وأحيل 15.82 في المائة منهم على الاعتقال الاحتياطي.
ولم تنخفض هذه النسبة عما كان عليه الحال في آخر تقرير قدمه المدير العام للسجون، محمد صالح التامك، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لعام 2016، حيث كان عدد السجناء يبلغ 74 ألفًا و759 شخصًا بينهم 40.8 في المائة من المعتقلين بصفة احتياطية، أي حوالي 30 ألفًا و500 مسجون احتياطي.
وحاولت السلطات الحث على تنفيذ تدابير بديلة عن الاعتقال الاحتياطي، لكن النسب الجديدة تظهر أن مفعول تلك التدابير لم يظهر. وقد أدرج ميثاق النجاعة القضائية لسنة 2017، الذي وضعته وزارة العدل والحريات المغربية، إجراءات جديدة تهدف من خلالها إلى ترشيد اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي باعتباره تدبيرًا استثنائيًا، جاعلة نهاية عام 2017 أجلًا لخفض نسبة المعتقلين الاحتياطيين من بين مجموع المعتقلين من 40 في المائة حاليًا إلى 35 في المائة.
ورغم ذلك، فإن المحاكم ما زالت تنظر إلى هذه النسب باعتبارها "أرقامًا معقولة"، كما قال ممثل النيابة العامة جمال الزنوري، في اليوم الدراسي. وحتى وإن كانت نسبة الاعتقال الاحتياطي على صعيد محاكم الدار البيضاء قد ارتفعت هذا العام بأكثر من 3 في المائة، فإن المتحدث المذكور يعتقد بأن النسب العامة "طبيعية"، وذكر: "في 2016، بلغت نسبة الاعتقال الاحتياطي بالنسبة للمحكمة الابتدائية الزجرية في الدار البيضاء 16.19 في المائة، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع سنة 2015 حينما كانت حينها 13.56 في المائة، لكن كلا النسبيتين معقولتان للغاية".
وقدّم المسؤول القضائي، للتدليل على ذلك، أرقامًا تتعلق بمحاكم الدار البيضاء، بحيث ذكر أن عدد المقدمين أمام النيابة العامة في الدائرة القضائية للدار البيضاء بلغ عددهم 87 ألفًا و435 شخصًا، توبع في حالة اعتقال حوالي 14 ألفًا و157، وفي حالة سراح 58 ألفًا، وفي المحكمة الابتدائية في المحمدية بلغت النسبة 10.26 في المائة من أصل 13 ألفًا و641 شخصًا، وتوبع في حالة اعتقال ألف و104 أشخاص، وفي حالة سراح 9 آلاف و714 شخصًا، وهي نسبة منخفضة مقارنة مع سنة 2015 على حد قوله. كما أن نسبة الاعتقال الاحتياطي في بنسليمان بلغت حوالي 13.94 في المائة من أصل 3390 شخصًا مقدما أمام النيابة العامة، إذ توبع في حالة اعتقال 775 شخصًا، وفي حالة سراح 2630 شخصًا؛ وهي نسبة تظل مرتفعة شيئًا ما مقارنةً مع سنة 2015، حيث لم تتجاوز نسبة الاعتقال آنذاك 11.63 في المائة".
وبحسب المتحدث نفسه، فإن النيابة العامة سعت إلى "ترشيد الاعتقال الاحتياطي، حيث أعطت الأولوية في البت لملفات الاعتقال الاحتياطي داخل الآجال المعقولة"، وعرض الآجال المعمول بها في البت في هذه الملفات، حيث ذكر أن أجل البت في ملف جنحي عادي هو 6 أشهر، بينما في ملف جنحي تلبسي يكون 21 يومًا. وفي ملفات غرف الجنايات الإبتدائية يكون شهرًا، وهو الأجل نفسه الذي يبت فيه بالنسبة لملفات الأحداث في حال اعتقال احتياطي.