الجزائر ـ كمال السليمي
أعلن القيادي الإسلامي الجزائري البارز عبد الرزاق مقري، بدء مشاورات مع أحزاب المعارضة بهدف توحيد صفوفها، لمواجهة ما أضحى يعرف في الساحتين السياسية والإعلامية بـ«الولاية الخامسة». ويتعلق الأمر برغبة مفترضة لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، في الترشح لفترة خامسة بمناسبة الانتخابات التي ستجري في ربيع 2019.
وجاءت المبادرة بمشاورة المعارضة، أول من أمس، أثناء تسلم مقري رئاسة «حركة مجتمع السلم»، وهي أكبر حزب إسلامي معارض، من القيادي في الحزب عبد المجيد مناصرة. وستدوم رئاسة مقري لـ«الحركة»، إلى مايو (أيار) المقبل، موعد مؤتمر الحزب الذي يرجح أنه سيشهد تعدداً في الترشيحات لرئاسة الحزب. وقال مقري: «نرفض الخضوع لإشاعات الولاية الخامسة والتوريث»، يقصد احتمال انتقال الحكم من بوتفليقة إلى أصغر أشقائه، سعيد، وهو في الوقت نفسه كبير مستشاريه في الرئاسة.
وعرفت ولاية الرئيس الرابعة انسحابه شبه الكامل من المشهد العام، بسبب تبعات الإصابة بجلطة دماغية منذ 27 أبريل (نيسان) 2013. ولا يظهر بوتفليقة إلا نادراً، ويخاطب الجزائريين عن طريق رسائل تحمل مواقف وأفكاراً حول أحداث محلية ودولية، يشار إلى أن فترة قيادة مناصرة، وهو وزير الصناعة سابقاً، لـ«الحركة»، تميزت بالهدوء وبخطاب معتدل تجاه السلطات. وهو يختلف جذرياً عن مقري في هذا الجانب.
ولم يذكر مقري الأحزاب المعنية بالمشاورات المنتظرة، لكن يفهم من كلامه أنه يقصد الأحزاب التي تنتمي للتيار الإسلامي، وأبرزها 3 هي «جبهة العدالة والتنمية» التي يقودها الشيخ عبد الله جاب الله، و«حركة النهضة» بقيادة محمد ذويبي، و«حركة الإصلاح الوطني» برئاسة فيلالي غويني، ولا تملك الأحزاب الثلاثة تأثيراً قوياً على المستويين السياسي والشعبي، ولها تمثيل رمزي في غرفتي البرلمان.
وسيتوجه مقري بمبادرته إلى أحزاب أخرى، بعيدة عن «مجتمع السلم» آيديولوجياً، ولكن تلتقي معها بخصوص «النضال ضد الولاية الخامسة».
وأبرز هذه الأحزاب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية». غير أن حزبين معارضين كبيرين، سبق أن رفضا مبادرات سياسية جاءت من «مجتمع السلم»؛ هما «جبهة القوى الاشتراكية» أقدم حزب معارض، و«حزب العمال» اليساري التروتسكي، التي ترأسه مرشحة انتخابات الرئاسة سابقاً لويزة حنون.
وفي مقابل «الحلف» الذي يريده مقري، تدفع أحزاب كبيرة بقوة باتجاه استمرار بوتفليقة في الحكم. وأهمها على الإطلاق حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» الذي يرأسه بوتفليقة، ولكن لا يحضر اجتماعاته أبداً، و«التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة رئيس الوزراء أحمد أويحي، و«الحركة الشعبية الجزائرية» برئاسة وزير التجارة سابقاً عمارة بن يونس، و«تجمع أمل الجزائر» بقيادة وزير الأشغال العمومية سابقاً عمر غول، ولم يعلن الرئيس رغبته في تمديد حكمه، ومن عادته أن يضفي حالة من الترقب على هذه القضية عشية كل استحقاق رئاسي، من الاستحقاقات الأربعة التي خاضها من قبل، والتي استفاد فيها من دعم قوي للجيش والمخابرات، ما حسم النتيجة لصالحه أمام بقية المترشحين.
وصرَح مقري بعد تسلمه قيادة الحزب: «سنحاول إعادة توجيه الرأي إلى ما هو أهم، ما يؤثر على المواطن مباشرة في شؤون حياته ومعيشته وكرامته وحريته، وسنعود لحركية التشاور مع مفردات الطبقة السياسية حتى نفهم ما يدور بشكل أفضل، فلا نخضع لإشاعات العهدة الخامسة أو التوريث أو تكرار الفشل وفرض فكرة مرشح الإجماع البالية، سنسهم بقدر ما نستطيع لنجعل الانتخابات الرئاسية المقبلة، فرصة للتعددية والديمقراطية وبناء التوافقات المبنية على مصلحة الوطن، وتجديد الحياة السياسية وأولوية التنمية والرؤى التطويرية. مع مواصلة الجهود الفكرية والندوات السياسية، والملتقيات الموضوعية والمواقف المناسبة لكل حدث، وفق موقع المعارضة الوطنية الراشدة التي نحن عليها».