الرباط - المغرب اليوم
جدل حقوقي تجدد مع اعتقال الناشط المدني نور الدين العواج ومتابعته بتهم مرتبطة بالرأي والتعبير، وهو الذي كان وجها مألوفا في العديد من الوقفات والمسيرات والمبادرات التضامنية، آخرها تلك المطالبة بالعدالة في ملف الصحافيين المعتقلين سليمان الريسوني وعمر الراضي.
واعتقل نور الدين العواج يوم الثلاثاء الماضي، بعد مشاركته في وقفة احتجاجية أمام محكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتزامن مع محاكمة الصحافي سليمان الريسوني، المعتقل احتياطيا والمضرب عن الطعام منذ ما يزيد عن 70 يوما، والصحافي المعتقل احتياطيا عمر الراضي الذي سبق أن دخل بدوره في إضراب عن الطعام. ووجهت للعواج تهم “إهانة المؤسسات الدستورية” و”إهانة هيئات منظمة” و”التحريض على ارتكاب جناية”.
وكتب الحقوقي خالد البكاري أن نور الدين العواج “لم يمس بهيبة المؤسسات، فقد فقدت هيبتها حين فشلت في استنبات دولة المجتمع، وعملت على تجذير مجتمع الدولة، ولم يهن نور الدين هيئات منظَّمة، فيكفي الاطلاع على تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، والمندوبية السامية للتخطيط، وتقرير لجنة النموذج التنموي، وتقارير التنمية البشرية الصادرة سواء عن صندوق النقد الدولي أو المنظمات التابعة للأمم المتحدة، وحتى خطب رئيس الدولة، ليتبين أن لا وجود لهيئات منظَّمة، وما ثمّة غير العشوائية”.
وأضاف البكاري: “نعم، كان نور الدين يحرض ضد الظلم، وتوظيف القضاء، وغياب العدالة الاجتماعية، لكنه كان يحرض قبل ذلك ضد كسل (المعارضين) وجبنهم وتشتتهم. صحيح كان خطابه بسيطا ومباشرا وعفويا، لكن الأصح هو أنه مارس حقه في الاحتجاج والاعتراض، ودون أن يخطط لذلك ربما، كان نور الدين يستعيد حق البسطاء والفقراء والمهمَّشين في أن يتحدثوا بصوتهم عن ذواتهم المتعبَة، دون أن (يفوّتوا) حق التحدث باسمهم لأصحاب الياقات النظيفة المكوية الذين نسوا كيف يبح صوتك من الصراخ، بعد أن استأنسوا بالمنصات، وأخلوا الساحات”.
وطالبت “هيئة مساندة الراضي والريسوني ومنجب وباقي ضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب”، و”اللجنة المحلية بالدار البيضاء من أجل حرية عمر الراضي وكافة معتقلي الرأي وحرية التعبير”، بالإفراج الفوري عن نور الدين العواج، قائلة إن اعتقاله “حلقة جديدة من حلقات ترهيب المتضامنين مع عمر الراضي وسليمان الريسوني، وفصل آخر من فصول الرعب والانتقام وتصفية الحسابات مع المنتقدين والمخالفين للتوجهات الرسمية”.
في هذا السياق، قال عبد الرزاق بوغنبور، منسق هيئة مساندة الراضي والريسوني ومنجب وباقي ضحايا انتهاك حرية التعبير بالمغرب، إن اعتقال العواج “رسالة مشفرة موجهة لكل المتضامنين المحتجين في الشارع، في الرباط والدار البيضاء وكل مدن المغرب، تؤكد عدم السماح بالاستمرار في الاحتجاج”.
وأضاف بوغنبور، في تصريح لوسائل إعلامية ، أنه في الوقت الذي تطالب فيه الحركة الحقوقية المغربية بوضع حد للاعتقال التعسفي، “نرى أن هذا النوع من الاعتقال يتمدد ضد كل المناضلات والمناضلين، ولن نسمح باعتقاله (العواج) أو غيره، لأننا مؤمنون بأن حرية التعبير حق”.
وتابع قائلا إن “صدر الدولة ضاق من احتجاج المتضامنين مع سليمان الريسوني وباقي ضحايا الاعتقال التعسفي في المغرب، ونور الدين العواج هو مناضل عشريني (مشارك في حراك 20 فبراير)، عرف عنه أنه كان دائما في طليعة المحتجّين بالدار البيضاء، وعندما كنا نعلن كهيئة مساندة عن إضراب، كان ينسق ويدعم كل الاحتجاجات في مدينة الدار البيضاء، وبالتالي اعتقاله ومتابعته بتلك التهم الثقيلة جدا يدخل في إطار الحد من هذه الاحتجاجات ورسالة موجهة ليس إليه فقط، بل إلى كل المحتجين”.
وسجل بوغنبور أن “أغرب ما في التهم أننا كنا نتوقع تلفيق تهمة بالجنس أو المخدرات أو تلقي التمويل المشبوه”، قبل أن يجمل قائلا إن “هيئة المساندة لن تستسلم، لأننا أصحاب حقّ، ونطالب بتطبيق القانون أولا في كل القضايا، ولن نسمح باعتقال المناضلين، ونور الدين العواج ليس وحده، بل كل المغاربة الشرفاء معه، ولن نتنازل عنه..”
قد يهمك ايضاً :
التقنيون في المغرب يلوحون بشهر "ساخن" من الاحتجاجات
قضية فاطمة وعثمان تعيد وضعية أطفال "مغاربة داعش" إلى الواجهة