الجزائر ـ كمال السليمي
لم يتمكن كثير من الأحزاب السياسية في الجزائر، من تشكيل لوائح خاصة به في انتخابات البلديات المقررة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، ومن بين هذه الأحزاب "جبهة التحرير الوطني"، الحائزة على غالبية المقاعد البرلمانية. ونتيجة لهذا العجز، ترفض أحزابٌ الإعلان عن حجم حضورها ومشاركتها في الاستحقاق، بما في ذلك "طلائع الحريات" بزعامة المعارض علي بن فليس والذي تشير تقارير الى أن حزبه لم يتمكن من اختراق نحو 96 في المئة من المجالس المحلية.
وانحصرت مشاركة أحزاب جزائرية، في بلديات من دون أخرى في ظاهرة تكاد تمس كل التشكيلات السياسية في البلاد، ويعتقد أن "التجمع الوطني الديموقراطي" بزعامة رئيس الحكومة أحمد أويحيى، هو الحزب الوحيد الذي صنع الاستثناء في انتظار إعلان قيادة الحزب عن الأرقام الحقيقية لعدد اللوائح.
ويشارك 57 حزباً في الانتخابات المحلية لاختيار أعضاء في 1541 مجلساً بلدياً محليا و48 من مجالس الولايات التي تساوي عدد المحافظات الجزائرية. ويشكل تصدر هذا الاستحقاق، بوابة مباشرة للانتخابات الرئاسية التي تجرى بعد سنتين، ويبدو التنافس واضحاً بين قطبين مواليين، هما "جبهة التحرير" و "التجمع" المدعوم بوجود زعيمه على رأس الحكومة. ويستفيد الحزبان من عاملين في نظام الانتخابات، الأول يتعلق بالنسبة الإقصائية التي تعطيها الأفضلية في الترشح، والثاني نسبة المشاركة، في شكل يمكنهما من الحصول على مقاعد أكثر ولو بمشاركة انتخابية ضعيفة.
وظاهرة عدم التمكن من الحضور في مجالس محلية تكاد تكون عاملاً مشتركاً، اذ أعلنت "جبهة القوى الاشتراكية" المعارضة التقليدية، مشاركتها في الانتخابات المحلية في 29 ولاية، تشمل بالإجمال 348 بلدية فقط، بالإضافة إلى مشاركتها في مجالس الولايات بـ18 ولاية من أصل 48، ويشكل حزب علي بن فليس المفاجأة أيضاً بعدم تمكنه على ما يبدو من دخول 96 في المئة من المجالس البلدية.
وتفتقد الانتخابات المحلية لمعالم العملية السياسية الملتزمة، عكس الاستحقاقين التشريعي والرئاسي، وذلك بحكم فرار كثير من المحازبين من أحزابهم الحقيقية والتحاقهم بلوائح أخرى بسبب عدم إدراجهم ضمن لوائح أحزابهم. وشهد مقر «جبهة التحرير» أول من أمس، احتجاجاً كبيراً لمئات المحازبين الذين رفضوا قوائم الجبهة في عدة بلديات، في مؤشر يعكس حجم الإقبال على المشاركة في المحليات وفي الوقت ذاته، عدم التقييد بحزب معيّن لضمان المشاركة.
ويشجع دخول محازبين في لوائح خارج أحزابهم، اتجاه الناخب للتصويت للأشخاص بدل القائمة، على رغم أن القانون الجزائري يفرض صيغة اللائحة النسبية في التصويت. وتحتكم الانتخابات المحلية إلى المناطقية والقرابة العائلية أكثر منها لبرامج الأحزاب ذاتها. وبغضّ النظر عن آليات تشكيل هذه اللوائح في كل حزب، فإن اللافت هو وجود هامش فرق في تعداد اللوائح يصل إلى أكثر من ألف لائحة، بين أكبر حزب يقدم لوائح وهو "جبهة التحرير" وأصغر حزب قد لا تتعدى مشاركته اللائحتين فقط مثلما حصل في أخر موعد قبل خمس سنوات، وهو ما يكشف عن سيطرة الأحزاب التقليدية على ساحة التمثيل الشعبي. ومن جهة أخرى، هناك هشاشة غالبية الأحزاب السياسية الموجودة في الساحة، خصوصاً تلك التي اعتمدت في الفترة الأخيرة، والتي أظهرت قدراً كبيراً من العجز عن استقطاب مرشحين.