الجزائر ـ سناء سعداوي
تحرص السلطات الجزائرية بشدة، على إضفاء طابع «السرِّي» على لقاء الأربعاء الماضي، الذي جمع مسؤولين حكوميين بارزين لبحث تأجيل انتخابات الرئاسة المتوقعة في ربيع العام المقبل. غير أن تسريبات نشرتها صحف ومواقع إلكترونية حول هذا اللقاء تحدثت عن أن السلطة تواجه حرجاً كبيراً في التصريح علناً بأنها عجزت عن إيجاد بديل للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، ما يدفعها إلى البحث عن كسب مزيد من الوقت لاختيار خليفة له. وجمع اللقاء، الذي جرى في قصر الحكومة، رئيس الوزراء أحمد أويحيى، والزعيم الجديد لحزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني» معاذ بوشارب، ورئيس حزب «الحركة الشعبية الجزائرية» عمارة بن يونس وزير التجارة سابقاً، وعمر غول رئيس حزب «تجمع أمل الجزائر» وزير الأشغال العمومية سابقاً. وبحث هؤلاء، وهم من أشد الموالين للرئيس، إمكان تأجيل انتخابات الرئاسة عاماً واحداً.
ونقلت مصادر تابعت اللقاء، أن ظهور علامات عزوف الرئيس بوتفليقة عن الترشح لولاية خامسة يضع النظام في ورطة، على أساس أن الموعد القانوني لانتخابات الرئاسة اقترب، ومتوقع في أبريل (نيسان) المقبل، بينما لم يستعد النظام له باختيار مرشحه كما جرت العادة عشية كل استحقاق رئاسي. وعادة هناك جهتان فقط تحددان المواعيد المهمة، وهما رئاسة الجمهورية والجيش. ومن المتوقع أن يختار بوتفليقة خليفته بنفسه، إذا تأكد عدم ترشحه لفترة جديدة. كما تواجه الحكومة صعوبة كبيرة في إيجاد صيغة قانونية تستند إليها لتبرير إرجاء الانتخابات، إذ إن الدستور ينص على أن قيام حرب هو السبب الوحيد الذي يدفع السلطة إلى إلغاء تاريخ الانتخابات.
وحوّل هذا الموضوع، قالت مرشحة انتخابات الرئاسة في 2014 لويزة حنون، أمس، خلال أعمال مؤتمر «حزب العمال» الذي ترأسه، إن بوتفليقة «ربما سيعلن عن قرارات مهمة الأربعاء المقبل». وذكرت أن «مصادر شبه رسمية طلبت منا انتظار شيء مهم الأربعاء، ربما يتعلق بالتوقيع على قانون المالية لسنة 2019 (إجراءات بروتوكولية تتم مع نهاية كل عام)، وربما سيعلن الرئيس عن إجراءات مهمة... نتمنى أن تتضح الرؤية بخصوص ما نحن مقبلون عليه»، في إشارة إلى الضبابية التي تحيط بقضية الانتخابات الرئاسية.
من جهة أخرى، جاء في بيان لـ«طلائع الحريات»، الذي يتزعمه رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس، أن «الجماعة الحاكمة تحضر لسيناريوهات لمحاولة إنقاذ النظام السياسي القائم، وتمكينه من القفز وتجاوز الانسداد السياسي الحالي لمصلحته الخاصة». وعبر عن رفضه تأجيل الرئاسية، قائلاً: «إن مثل هذه المقترحات تشكل في حد ذاتها اعترافاً، من قبل أطراف في السلطة السياسية القائمة، بالوضع الحرج الذي يمر به البلد... ستنتهي سنة 2018، وبلدنا لا يزال يعاني من أزمة سياسية حادة، ومن وضع اقتصادي حرج يتميز بمؤشرات تنذر بالخطر وبنتائج مدمرة للسنوات المقبلة، وبتذمر اجتماعي عميق ومتزايد، يميَزه تهاوٍ متسارع للقدرة الشرائية التي تضرب المواطنين في العمق، لا سيما الفئات الأكثر هشاشة من المجتمع».
أما الحزب الإسلامي المعارض «حركة مجتمع السلم»، فأعلن موافقته على تأجيل الاستحقاق، شرط أن «يتضمن التأجيل عقداً سياسياً معلناً، يضمن إجراء إصلاحات سياسية عميقة تضمن توازن المؤسسات وإمكانية التنافس الانتخابي الشفاف في المنظور القريب، وكذا إصلاحات اقتصادية تمنع البلد من الانهيارات المحتملة، وتحد من حالة الفساد المتفشي والاحتكارات المالية الكبرى المبنية على الرشوة والمحسوبية والابتزاز والتعاملات التفضيلية، على حساب تعدد وتنويع المؤسسات الاقتصادية في القطاع الخاص والقطاع العام». وأعلن الحزب الإسلامي أنه سيقاطع الانتخابات «في حال ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، أما في حال تمديد ولايته خارج الانتخابات ودون توافق (مع الأطراف السياسية) ولا إطلاق إصلاحات، فموقف الحركة سيكون الرفض واستمرار المقاومة السياسية والنضال الدائم لتحقيق التوافق والإصلاحات السياسية والاقتصادية مهما كانت الصعوبات».