نيوديلهي - المغرب اليوم
نعيش اليوم في زمن أصبحت فيه التكنولوجيا والأجهزة الحديثة هي المهيمنة على جميع مناحي الحياة. إلا أنه وفي بعض الأحيان، يمكن للوسائل الأكثر تواضعا من الناحية التكنولوجية أن ثمر نتائج طبية جيدة.وتستخدم حاليا ناموسيات الحماية من البعوض، وهي السلاح الرئيسي لمواجهة مرض الملاريا الذي تنقله هذه الحشرة، في عمليات علاج الفتق، وهي أكثر العمليات الجراحية انتشارا في العالم.ويأمل الأطباء في أن يساعد ذلك على إنقاذ حياة ما يقدر بـ500 ألف شخص يتوفون سنويا في أفريقيا بسبب هذا المرض، الذي يصيب واحد من بين كل أربعة رجال، على مستوى العالم.ويقول آندرو كينغسنورث، أستاذ وخبير عمليات الفتق بمستشفى ديريفورد في بليموث: "في بريطانيا والولايات المتحدة، نعمل عادة على علاج حالات الفتق بنوع خاص من الشاش الجراحي، إلا أن النوع من الشاش يبلغ ثمن الواحدة منه ما يقارب 30 دولارا، وهي تكلفة عالية للغاية للمستشفيات في الدول فقيرة الموارد". وتابع قائلا: "لكن رافي تونغاونكار وهو طبيب من الهند خرج بفكرة لاستخدام تلك الناموسيات كبديل للعلاج الجراحي لحالات الفتق".ويحدث الفتق عندما ينفذ جزء من الأمعاء عبر فتحة أو تمزق في الجدار العضلي للبطن. وعادة ما تقع الإصابة به حينما يرفع الشخص جسما ثقيلا، أو يصاب بإمساك مزمن، أو حتى إذا كان مصابا بسعال شديد. وتزيد إمكانية الإصابة بالفتق لدى الرجال بنسبة تسع مرات مقارنة بالسيدات. وتتمثل أكثر الطرق فاعلية في علاج الفتق في ترقيع تلك الفتحة بقطعة من الشاش الجراحي الشبكي، ويعتبر ذلك إجراء بسيطا يعمل على علاج المشكلة بشكل كامل.إلا أنه وفي عام 1994، بحث الجراح الهندي رافي تونغاونكار إمكانية استخدام شبكة ناموسيات معقمة لتكون بديلا أقل تكلفة عن ذلك الشاش الجراحي المكلف الذي يجري استخدامه الآن.وقال تونغاونكار، الذي استخدم طريقته تلك في علاج 591 حالة من حالات الفتق إن شبكة البولي بروبيلين هي أفضل مادة متاحة (لعلاج الفتق) لكنها مكلفة جدا، "أما في الدول النامية كالهند، لا يمكن للمصابين الفقراء تحمل هذه التكلفة".لكن استخدام شبك الناموسيات كبديل لا يعني بالضرورة أن كفاءتها تضاهي كفاءة الشاش الجراحي المعد خصيصا لعلاج تلك الحالات. "لا يوجد فرق" وللوقوف على فاعلية كلا النوعين من الشاش الجراحي في علاج الفتق، عمل ديفيد ساندرس الجراح المختص بأمراض المعدة والأمعاء على إجراء بعض الفحوصات المجهرية والاختبارات للتعرف على خصائصهما الفيزيائية.وتوصل ساندرس إلى أنه يستحيل الخروج بفرق بينهما، حيث قال إن الفرق الوحيد بينهما يتمثل في المركب الكيميائي الذي يجري استخدامه في تصنيعهما، إلا أن ذلك "لا يحدث فرقا سريريا بينهما". إلا أنه أكد على أنه لا يجب على الأطباء استخدام الأنواع القديمة من هذه الناموسيات، حيث أنها لا تصنع كلها بنفس المادة، وقد يكون بعضها مخصبا بمواد كيميائية كمادة ثنائي إيثيل الطولواميد " DEET".وقال ساندرس لبي بي سي: "من المهم أن نضع معايير لنوع شبكة الناموسيات التي يجري استخدامها في علاج تلك الحالات حتى نتأكد من أنها آمنة للاستخدام". استخدامات عملية ويبحث الأستاذ كينغسنورث، الذي يدير المنظمة الخيرية "أوبيريشن هيرنيا" التي تهتم بعلاج حالات الفتق، فكرة استخدام تلك الناموسيات لعلاج حالات الفتق في الأماكن التي ترتفع فيها تكلفة ذلك النوع من العلاج.وقال كينغسنورث لبي بي سي: "عملنا على تدريب الجراحين على هذه الطريقة الجديدة في دول مثل غانا ونيجيريا وساحل العاج وغامبيا ورواندا ومالاوي والإكوادور وبيرو والبرازيل ومولدوفا وأوكرانيا وكمبوديا". وأوضح أن فريقه سيتوجه في منتصف أيلول (سبتمبر) إلى بعض المناطق النائية في منغوليا لنشر فكرة استخدام الناموسيات في علاج الفتق.ورغم وجود بعض التحفظات على استخدام هذه الطريقة الجديدة في بعض المستشفيات، كما حدث في رواندا مثلا، فإن الدلائل تشير إلى أن تلك الطريقة قد تلقى رواجا في مستقبل علاج حالات الفتق في الدول النامية.