غزة - صفا
بعد مسيرة شاقة تنقل خلالها والدا التوأمين لميس وتسنيم الصعيدي (4 سنوات ونصف) بين عيادات "أونروا" أصيب التوأمان بإعاقة عقلية بعد فوات الأوان وتأخر كشف حقيقة إصابتهما بالمرض. لم يجد الأبوان بعد 4 أعوام خيارا سوى الاعتصام أمام مقر "أونروا" الرئيسي بمدينة غزة؛ لعل الجهات المعنية تستجيب لمناشدتهم بتحمل مسئولية ما حدث لابنتيهما. وبدأ دخول المرض لخلايا الطفلتيْن الصعيدي بعد 4 شهور من الولادة حينما لاحظت الأم ارتخاء الطفلتيْن وعدم وجود حركة مناسبة لعمرهما، فتوجهت بهما إلى مركز رعاية أولية تابع لـ"أونروا"، والذي تتابع فيه بشكل معتاد. تقول في حديث لوكالة "صفا" "شعرت أن يدا التوأمين لا تتحركان كما هو معتاد، وتعانيان من ارتخاء في الأعصاب، فتوجهت للمركز، وهناك أبلغني الأطباء أن هذا شيء طبيعي كونهما توأمان ويتأخرا قليلا في النمو". وعلى هذه الإفادة، عادت الصعيدي إلى المنزل والشك يراودها أن حالة ابنتيها غير طبيعية، خاصة أنهما استمرتا على هذه الحالة لمدة طويلة. وتضيف "عدت مرة واثنتين وثلاثة للأطباء، في كل مرة يشك كل طبيب بحالة التوأمين، مرة يشكون بوجود نقص في الأكسجين، وأخرى بإصابتهما بالتوحد، وهو ما نفاه المختصون قطعيا". اكتشاف سبب المرض وبعد مرور 3 سنوات على هذا المنوال، اكتشف الأطباء أنَّ الطفلتيْن لم تتلقيا فحصا يسمى بـ"التمثيل الغذائي" وهو فحص يجب أن يُجرى للطفل في الأيام الأولى بعد ميلاده. وتوضح الأم أن تناول التوأمين لجرعات من اللبن والحليب دون علمها وتوعية الأطباء لها سبب لهما تسمم، وأدى عدم معالجته وفشل الأطباء في تشخيص حالتهما إلى نقل التسمم إلى المخّ. وتشير إلى أنها رفعت كتابا إلى مدير عمليات "أونروا" روبرت تيرنر، والذي بدوره شكل لجنة تحقيق في حالة التوأمين، مكونة من 3 أطباء، وأكدت نتائج التحقيق أن سبب إصابة الطفلتيْن هو عدم تلقيهما فحص التمثيل الغذائي. وتلفت الأم (32 عاما) إلى أنها تلقت وعودا رسمية من وكالة الغوث بعد ذلك بإجراء تحويل علاج للخارج للطفلتْين. لكن وبعد طول انتظار دون تنفيذ لهذه الوعود راجعت هي وزوجها "أونروا" فأبلغتهما بأنها غير معنية ولا علاقة لها بتحويلات الخارج. وتضيف "رفضوا علاج الطفلتيْن، وحينما طلبت منهم التقرير الذي يثبت حقيقة مرضهما رفضوا إعطاءه لي، وقالوا لي حرفيا: "اذهبي إلى روبرت ما دام هو الذي وعد بمتابعة الموضوع". وتؤكد الأم أنها أعادت رفع كتاب إلى "تيرنر" غير أن الجهات المعنية رفضت إعطاءها أي معلومات حول الكتاب أو حتى إجابة عما إذا تم تسليمه له أو أعطى ردا عليه. وتفيد الصعيدي أن التوأمين الآن وبعد وصولهما لعمر الـ4 سنوات ونصف أصبحتا مصابتين بشبه إعاقة عقلية، فهما لا تفهمان شيئا، ولا تعيا، وتعتمدان بشكل كلي في الحركة على الأم، إضافة لكونهما بدأتا تخطوان خطوات قليلة في المشي لا تناسب عمرهما. وتنوه الأم إلى أن المسئول الإقليمي للجان الرعاية الأولية التابعة لوكالة الغوث في المحافظة الوسطى الطبيب إبراهيم البرش وعدها بأن يساعدها خارج إطار مؤسسات الوكالة، فحوّل موضوع الطفلتيْن إلى منظمة الصحة العالمية، لكن دون استجابة. العلاج أو الإعاقة! كما تشير الصعيدي إلى أن الأطباء أفادوها بأن علاج حالة التوأمين متوفر، لكنه موجود في بريطانيا ويكلف آلاف الدولارات، وفق قولهم. وتقول "قالوا لي إن لم يتم توفير هذا العلاج لهما، فسيبقى أمامكم خيار آخر، وهو العمل على تأهيلهما وعدم إهمالهما، بما معناه أن ابنتيّ أصبحتا معاقتيْن وتحتاجان للتأهيل، بعد أن أصبحتا ضحية للإهمال وجهل تشخيص حالتهما منذ البداية". وأمام هذا الوضع، لم تجد الأم سوى البدء بالاعتصام أمام مقر وكالة الغوث "أونروا" بمدينة غزة، متأملة بأن يستجيب لها أحد ويتكفل بالمساعدة في علاج طفلتيْها. وتقول الأم بنقمة "الوكالة في النهاية اتهمتني أنا وزوجي بأننا تقاعسنا في حالة ابنتينا وكنا نخطط من أجل أن نحصل على مساعدة بعد إصابتهما بالمرض"، وتساءلت "هل يمكن أن يصدق عاقل أن أمًا تتاجر بضناها وتدمر فلذة كبدها من أجل المساعدة؟!".