برلين ـ وكالات
شركات صناعة التبغ تستشيط غضبا لأن الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض قواعد أكثر صرامة بخصوص بيع السجائر، وذلك من أجل حماية المستهلكين. فهل تنجح هذه القواعد في تحقيق الغرض المطلوب؟ "تخيلوا لو أن كل يوم يشهد تحطم طائرة جامبو جيت وعلى متنها 300 مسافر. عندها سيحجم الناس عن السفر بالطائرات"، تشبيه تقدمه مارتينا بويتشكه لانغر، من مركز أبحاث السرطان الألماني. وبحسب إحصائيات هذا المركز فإن 110,000 شخص في ألمانيا يموتون سنويا لتعاطيهم التدخين. ولكن هذا لا يترك أي أثر لدى المدخنين. وتعلل بويتشكه لانغر ذلك بأن "معدل الإدمان مرتفع جدا". ربع البالغين في ألمانيا يدخنون السجائر بانتظام. وفي بعض البلدان الأخرى فإن النسبة تكون أحيانا أعلى بكثير: في كوريا وروسيا وبنغلاديش يدخن أكثر من نصف السكان. التدخين في ألمانيا موضوع مثير للجدل منذ سنوات. حظر التدخين في الحانات والأبنية العامة لا يزال يناقش بعاطفية، وهو ليس موحدا لجميع الدول. وفي الأيام القليلة الماضية بدأت وسائل الإعلام الألمانية تتحدث عن سياسة جديدة بخصوص التبغ ستفرضها مديرية الصحة وحماية المستهلك التابعة للمفوضية الأوروبية. علب التدخين في أستراليا باتت موحدة الأبرز في القواعد الجديدة: هو تلك الصور المروعة التي ستوضع على علب السجائر قريبا، والتي ستضع الأضرار الصحية بوضوح أمام الأنظار. الأمراض الأكثر شيوعا عند المدخنين هي: سرطان الرئة، وأمراض الرئة المزمنة، وأمراض القلب والأوعية الدموية، والتي يمكن أن تؤدي إلى أزمة قلبية أو سكتة دماغية. في أستراليا وكندا والبرازيل باتت مثل هذه الصور أمرا إلزاميا بالفعل. وجملة مثل "التدخين يسبب سرطان الفم" ستوضع إلى جانب صورة لشخص يعاني من ذات المرض. في ألمانيا كان يكتفى حتى الآن بطباعة مثل ذاك النص على علب السجائر، كعبارة: "التدخين يقتل". "هذه تغييرات هائلة"، كما يعلق ديرك بانغريتس من رابطة التبغ الألمانية، منتقدا المعلومات التي سربت عبر الصحافة حتى الآن. والتي تقول، بأن 75 في المئة من علب التبغ يجب أن تحتوي في المستقبل على تحذيرات بالنص والصورة. ويضيف بانغريتس : "لن يبقى مكان للعلامة التجارية الفعلية". ويرى بأن الخطط الجديدة "لا يمكن تحملها". وإذا ما تم إقرار القواعد الجديدة فعلا، فستخطو شركة التبغ الكبرى ريمتسما خطوات قانونية ضد ذلك. رابطة التبغ الألمانية، ورغم الانتقادات التي صدرت عنها لخطة الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تعي مسؤوليتها تجاه المستهلكين، كما يؤكد بانغريتس، الذي تمثل رابطته الكثير من شركات إنتاج السجائر، وتحرص هذه الرابطة على منع بيع السجائر لمن هم دون 18 عاما.في تؤكد بويتشكه لانغر بأن هناك تراجعا في معدل استهلاك التبغ بين الشباب. ولكن هذه المجموعة تحديدا هي المستهدفة من شركات صناعة السجائر. وقد أظهرت استطلاعات الرأي في أستراليا وكندا أن تسعة من أصل عشرة أشخاص من الشباب يرغبون برؤية تحذيرات واضحة. "وحتى في ألمانيا، ترغب الأغلبية بذلك أيضا"، كما تقول الباحثة بويتشكه لانغر. وتشدد بويتشكه لانغر على أن الصور لها تأثير مؤكد: "نحن نعلم من فحوص وبحوث أجريناها بأن هذه التحذيرات المستندة على صور ترفع من احتمال الإقلاع عن التدخين". وتضيف، محاولةً دحض حجة لوبي السجائر الذي يقول بأن المستهلكين على علم كامل تقريبا بمخاطر التدخين: "خاصة الطبقات التي تعاني من ضعف في التعليم ليست على اطلاع بمخاطر التدخين". بالإضافة إلى أن الذين يدخنون منذ سنوات طويلة اعتادوا مع الوقت على العبارات التحذيرية. ولذلك يجب تغيير الإستراتيجية من وقت لآخر: "التحذيرات وسيلة فعالة، لأنها تصل مباشرة إلى كل مدخن"، كما تقول بويتشكه لانغر ربما علينا الإشارة إلى أن السجائر ليست المادة الوحيدة التي لها عواقب صحية ضارة، فاستهلاك السكر بكثرة يسبب أمراضا أيضا. ولذلك يرى بانغريتس بأن صناعته لا تختلف من هذه الناحية عن منتجات عديدة أخرى: "لنتخيل أن عصير الليمون لا يباع إلا بزجاجة موحدة"، فهذا يعني مصادرة العلامة التجارية.ولكن بويتشكه لانغر تحذر من هكذا مقارنة: "التبغ يتميز بنقطة فريدة من نوعها، وهي أن نصف المدخنين يموتون جراء استهلاكهم للتبغ. وهذا غير موجود في أي منتج آخر". على سبيل المثال، السكر ضار فقط عند الإفراط في تناوله. ولكن مجرد سيجارة واحدة تحوي "تأثيرا سميا هائلا"، يمكن أن يسبب تغيرات كبيرة في الجسم.