الرئيسية » آخر الاخبار
زينة دكّاش

بيروت ـ المغرب اليوم

برزت في عصرنا هذا طرقًا مختلفة في المعالجة النفسية منها العلاج بالموسيقى الذي يعتمد على أنواع عدة من الموسيقى لمعالجة المشاكل النفسية أو الاضطرابات بدلا من العقاقير المختلفة. وكذلك تظهر اليوم طريقة جديدة نسبيًا في لبنان تختص بالأمراض والمشاكل النفسية، وهي "العلاج بالمسرح"، التي دخلت إلى لبنان في السنوات الأولى من الألفية الثانية، وتشغل اليوم مساحة مهمة من تطور العلاج النفسي وتشكل نقلة نوعية فيه.

والعلاج بالمسرح، هو استعمال تقنيات المسرح وأساليبه لتسهيل نمو الشخصية وتعزيز الصحة النفسية. وكإحدى طرق العلاج بالفنون التعبيرية يمكن تطبيق العلاج بالمسرح على الأفراد، والزوجين والعائلات وكذلك على مجموعة مختلطة من الناس. تستعمل هذه التقنية ضمن نطاق واسع يشمل المستشفيات والمدارس ومراكز التأهيل النفسي ومراكز الأعمال وأحد أهم إستخداماتها هو داخل السجون. وبرز الاستخدام المعاصر للدراما والمسرح كعلاج مع ظهور "الدراما النفسية" التي أفسحت بالمجال بعدها للعديد من التدخلات العلاجية للمسرح، كألعاب المسرح والألعاب الديناميكية الجماعية والإيماء وفن تحريك الدمى وغيرها من التقنيات الارتجالية.

ويقسم فيل جونز في كتابه "الدراما في العلاج: نظرية، تطبيق، وبحث" الظهور المتعمد للدراما كعلاج إلى ثلاث مراحل. أولًا، تاريخ طويل للدراما كقوة شفاء مع الجذور القديمة في طقوس ومسرحيات مختلف الشعوب. ثانيًا، في بداية القرن العشرين، فرضت أعمال مورينيو وإيفيرنوف موقفًا جديدًا في العلاقة بين العلاج والمسرح مما وفّر الأسس لظهور العلاج بالدراما في وقت لاحق من هذا القرن. وأخيرًا، ظهور الدراما كفن علاجي إبداعي عام 1970.

بدأت الفكرة في لبنان مع الممثلة زينة دكّاش، خريجة المسرح، وحاملة شهادة في العلاج بالدراما من أميركا، وماجستير في العلاج النفسي العيادي من جامعة هايكزيان. وعملت زينة بين 2001 و2006 في جمعية "أم النور" إنطلاقًا من إيمانها بأهمية الدمج بين المسرح وعلم النفس في العلاج. تقول زينة: "راودتني فكرة الدخول إلى السجون لإدراج العلاج بالمسرح ضمن طرق العلاج للمساجين، وقدمنا دراسة مطولة عن فكرة لتطبيقها، وأسسنا على إثرها "كاتارسيس" وهو المركز اللبناني للعلاج بالدراما، ودخلنا إلى سجن رومية في شباط/فبراير 2008 بعد أن تأمّن تمويل المشروع".

وتشرح دكّاش تجربتها مع المساجين قائلة "بطبيعة الحال، لم يكن بإمكاننا العمل مع أكثر من 4000 سجين، فوجهنا نداءً إلى الراغبين بالمشاركة في عمل مسرحي، وتلقينا 250 طلب مشاركة اخترنا 45 منهم، واستمر العمل معهم على مدى 15 شهرًا تحضيرًا لعرض مسرحي بعنوان "إثنا عشر لبنانيًا غاضبًا" عُرض بين شباط/فبراير وآذار/مارس 2009 على مسرح خاص أعدّ ليكون مسرحًا دائمًا في سجن رومية".

ويهدف هذا العمل إلى إدراج المسرح كطريقة لإعادة التأهيل ضمن السجون اللبنانية، ويعتبر المبادرة الوحيدة حتى الآن لمحاولة خفض نسب الجرائم، وهو طريقة لزيادة الوعي لدى الجماهير المتابعة ووسيلة للتعبير عن الفئة المهمشة من المجتمع اللبناني. وتتابع زينة "لقد حولنا العمل إلى فيلم وثائقي سيعرض في الجامعات والمدارس، وتم عرضه ضمن فعاليات مهرجان المسرح داخل سجن فولترا في إيطاليا. ولا زلنا نقدم ورش عمل للمساجين حول العلاج بالمسرح، يشارك فيها تلاميذ المدارس والجامعات وكذلك السجناء الذين تدربوا سابقًا".

ويقول السجين محمد مظلوم عن تجربته في الفيلم "أعادتني المسرحية إلى شعور من الهدوء والانسجام. لم أعد أشعر بالاضطراب والتوتر والخوف الذي كنت أعيشه قبل المسرحية. كنت أشعر أنني سأخرج لأنتقم، وأخطط لما سأفعله ذات يوم، لكنني الآن أملك شعورًا مختلفًا، وأدركت أنني حقا مذنب، وأشعر بتغير في داخلي. حتى أهلي الذين كانوا يزوروني وينزعجون من تصرفاتي سابقًا، يستغربون كيف تحولت، وكيف أعادتني الدراما إلى إنسان عادي".

أما يوسف شنكر، السجين المحكوم بالمؤبد بجريمة قتل، يقول عن التحولات التي أحدثها العمل في شخصيته :"لم يعد لدينا ما يحيي الأمل فينا سوى هذا العمل. رغم أنه أصبح كثيفًا أكثر من السابق، لكني أشعر بحاجة للمزيد لأنه بعث فيّ حياة وروحًا جديدة". وهكذا أثبتت هذه التجربة الجديدة في لبنان على أن السجين يمكن أن يشفى إذا أراد وتوفرت له الشروط ليخوض تجربةً مماثلة. "إثنا عشر لبنانيًا غاضبًا" بل أكثر، خرجوا من هذه التجربة بروحية جديدة ورؤية مستقبلية وخطط لعيش حياةٍ خارج إطار العنف والإجرام.
 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وباء خطير ينتشر في إثيوبيا بسبب الانفلات الأمني ويسجل…
ضعف حاسة الشم قد يكشف الإصابة بنقص فيتامين د
فيتامين سي يحمي من مخاطر الإصابة بأمراض السرطان
النظام الغذائي الغني بالبروتينات والفيتامينات يساعد في علاج نزلات…
دراسة تكشف ارتباط عامل خطر لداء السكري ارتباطاً مباشراً…

اخر الاخبار

الحكومة المغربية تُعزز قطاع الدفاع الوطني بإعفاءات ضريبية جديدة
بوريطة يُؤكد أن وزارة الخارجية ساهمت في تطور التجارة…
اتهام موظف أميركي بتسريب خطط إسرائيل لضرب إيران
مجلس النواب المغربي يكشف عن أسماء البرلمانيين المتغيبين بدون…

فن وموسيقى

مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…
كاظم الساهر يتألق في مهرجان الغناء بالفصحى ويقدم ليلة…

أخبار النجوم

محمود حميدة يكشف تفاصيل شخصية "ياسين" في مسلسل موعد…
إسعاد يونس تُعرب عن سعادتها البالغة بعودتها للمسرح
هاني سلامة وياسمين رئيس يجتمعان مجدداً بعد غياب 12…
محمد هنيدي يُعلن دخوله منافسات دراما رمضان 2025 بمسلسل…

رياضة

الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم
إصابة في الرباط الصليبي تبعد إلياس أخوماش عن الملاعب…
المغربي ياسين بونو بين كبار اللعبة بمتحف أساطير كرة…
وليد الركراكي يخطط لثورة في تشكيلة المنتخب المغربي قبيل…

صحة وتغذية

الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…
حمية مستوحاة من الصيام تدعم وظائف الكلى وصحتها

الأخبار الأكثر قراءة

الإفراط في تناول فيتامين د يسبب آلام العظام وفقد…
قلة نوم الأطفال قد تدفعهم لتعاطي المخدرات في المستقبل
7 أشياء يجب عليك القيام بها بعد السقوط أرضاً…
مرضى الاكتئاب لديهم شبكة دماغية أكبر بمرتين من حجمها…
دراسة تثبت فاعلية الميتفورمين المستخدم لعلاج السكر في تقليل…