الرباط _ المغرب اليوم
خلال المرحلة الأولى من انتشار جائحة “كورونا”، ظلّ سكان القرى والمناطق النائية في منأى عن الإصابة بالفيروس، بفضل الحجر الصحي والبعد عن التجمعات البشرية الكبرى، غير أن هذه الوضعية تغيرت بعد ظهور متحوّر “دلتا”، الذي صادف عطلة عيد الأضحى، التي تعرف توافد أهالي القرى القاطنين بالمدن على أماكنهم الأصلية. في قبيلة تسكدلت بإقليم اشتوكة آيت باها، على غرار مناطق قروية أخرى، تفيد المعطيات، التي حصلت عليها هسبريس، بانتشار عدوى الفيروس في صفوف المواطنين بعدد من الدواوير، بينما ينبّه فاعلون مدنيون إلى ضرورة تحرك السلطات الصحية من أجل
محاصرة الوباء، خاصة أن السكان يجدون صعوبة في القدوم إلى المستشفيات لإجراء التحليلات نظرا لبعدها. وأفاد محمد الديش، المنسق الوطني لـ”الائتلاف المدني من أجل الجبل”، أن “المناطق النائية كانت تعاني من بُعد المستوصفات ومن خصاص كبير في البنيات الصحية، وجاءت جائحة “كورونا” لتضاعف معاناة ساكنة هذه المناطق، خاصة خلال الأسابيع الأخيرة التي تتسم بانتشار سريع للفيروس”. وأكد الديش، استنادا إلى المعطيات التي تفد على “الائتلاف المدني من أجل الجبل”، انتشار فيروس “كورونا” في دواوير كاملة بعدد من المناطق، لافتا الانتباه إلى أن ما يعمق الأزمة التي
يعيشها هؤلاء السكان هو صعوبة الولوج إلى إجراء اختبارات “PCR”، واكتفاء مَن تسنى لهم الذهاب إلى المراكز الصحية بإجراء الاختبار السريع الذي لا يكون دقيقا بنسبة تامة. وتتواصل تحذيرات السلطات الصحية للمواطنين بالالتزام بالإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس “كورونا”، خاصة بعد الارتفاع الكبير في عدد الوفيات الناجمة عن الإصابة بالفيروس، والتي بلغت خلال الأربع والعشرين ساعة الأخيرة 105 وفيات جديدة، بينما سُجلت خلال الفترة نفسها 9778 حالة إصابة جديدة. الصعوبات التي يواجهها سكان المناطق النائية جراء انتشار فيروس “كورونا” تعمّقها الهشاشة الاجتماعية
والفقر الذي تعانيه نسبة كبيرة منهم، حيث أفاد رشيد أمازوز، الطبيب بالمستشفى الإقليمي باشتوكة آيت باها وعضو المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للصحة العمومية، أن عددا من المواطنين يلجؤون إلى الوسائل التقليدية للعلاج. وأضاف أمازوز، في تصريح لهسبريس، أن “هناك مناطق نائية يحتاج قاطنوها إلى توفير 250 درهما من أجل الوصول إلى المركز الحضري لإجراء اختبار “كورونا”، مما يجعل الذين يتوفرون على بعض الإمكانيات المالية يكتفون باستعمال فيتامين “س” و”دوليبران”، بينما الأكثر فقرا يستعينون بالعلاج التقليدي كالأعشاب”. ويطالب فاعلون مدنيون بإرسال قوافل
طبية إلى المناطق النائية من أجل توفير اختبارات “كورونا” للمواطنين، بعد انتشار الفيروس على نطاق واسع، واحتمال توسع رقعة انتشاره بسبب سرعة تحرك متحور “دلتا”. وفي هذا الإطار، يقول المنسق الوطني لـ”الائتلاف المدني من أجل الجبل”، إن “على السلطات الصحية أن تعمم فحص “PCR”، مشيرا إلى أن “هذه الاختبارات وإن كانت كلفتها أعلى، فإن دقة نتائجها تجعلها الوسيلة الملائمة لاحتواء انتشار الفيروس إذا التزم المصابون بالحجر الصحي”. وأضاف الديش أن جائحة “كورونا” ينبغي أن تكون فرصة لتحسين البنية الصحية في المناطق النائية وتزويدها بالموارد البشرية
الكافية، والاهتمام بالجانب الصحي في هذه المناطق، وجعله ضمن أولويات الدولة، مؤكدا أن “الدولة مقصرة في التزاماتها في هذا المجال”. من جهة ثانية، لا تزال الأطر الصحية تشتغل في غياب أي تحفيز من طرف وزارة الصحة، بعد سنتين متتاليتين من العمل دون عطلة، إذ لم تصرف لها الوزارة الوصية على القطاع سوى الشطر الأول من منحة “كوفيد”. وفي هذا الإطار يقول أمازوز: “لو أن الوزارة قدمت تعويضا للأطر الصحية عن أيام السبت فقط لكان هذا عاملا محفزا، ولكن ليس هناك أي تحفيز”.
قد يهمك ايضا
خبير طبي يحذر من تدهور الوضع الوبائي بالمغرب في فترة الحملات الانتخابية