الرباط_ المغرب اليوم
سعى كل من عبد الله الهباب، الكاتب والناقد، وكذا السليمة أمرز، الأستاذ بالتعليم الثانوي والحاصل على الدكتوراه في نقد الشعر العربي الحديث، إلى النبش في تمظهرات الحداثة في الشعر العربي والشعر الحساني؛ وذلك على هامش الدورة الأولى من مهرجان "وني بيك"، الذي تحتضنه مدينة العيون إلى غاية يوم غد الأحد.
وقال الهباب، في معرض حديثه، إن مصطلح الحداثة في علاقته بالإنسان بدأ يثير العديد من النقاشات، خاصة أن غريزة الإنسان تسعى دائما إلى التغيير بمفهوم الحداثة؛ "وهو المعطى الذي جاء في وقت تحول الفكر الإنساني وأصبح الإنسان لا يثق إلا في قدراته".
وتساءل المتحدث ذاته عما إذا كان الإنسان، خاصة في العصر الجاهلي، لا يعيش الحداثة، قبل أن يجيب عن سؤاله بالقول إنه بالفعل كان يعيشها، مردفا بأن أجمل ما قيل من الكلام قيل في الشعر الجاهلي، الذي عرف بعضا من الانفتاح، قبل أن تليه دعوات بالتجديد في العصر العباسي، وهو ما انعكس على القصيدة التي عرفت العديد من التغيرات ولم تعد مقيدة بالشكل العمودي، ليتم استحداث إيقاعات وبحور جديدة.
وأكد الهباب أن قصائد شعراء الحداثة انزاحت عن اللغة العربية الكلاسيكية، "كما هو الحال مع الشاعر أمل دنقل الذي كان يميل إلى اللغة اليومية لتصوير ما يعيشه الإنسان من ضغوطات"، قبل أن يختم بالتأكيد أن "للحداثة رؤية جديدة أسدلت الستار عن القصيدة العربية الكلاسيكية من أجل الغوص أكثر في ذات الإنسان وعلاقته بالمجتمع".
بدوره قال السليمة أمرز إن الحداثة الشعرية تعبير عن روح العصر وانعكاس لتغلغل الإنسان في مجتمعه، وتعبير عن الثورة الحضارية، قبل أن يستطرد بأنه لا يمكن الحديث عن الحداثة إلا بربطها بالقديم، وذلك في حديثه عن الشعر الحساني.
واعتبر المتحدث ذاته أن الشعر الحساني سليل للشعر العربي، إلا أن الدرس الأدبي النقدي لازال ملتبسا، حسب تعبيره، مضيفا: "لا نعلم ما هي أول قصيدة حسانية ولا من صاحبها ولا أين ألقاها، فيما الحداثة لا تستحمل استئصال مرحلة ما أو القفز عليها".
وأضاف أمرز أن هناك مبادرات إلى النقد الجاد للشعر الحساني، إلا أن أغلب الدراسات ركزت على المنهج الوصفي، قبل أن يتساءل بدوره "هل ربط الحداثة بالشعر الحساني يقصد بها حداثة النص أم الرؤيا أم الحداثة التقنية؟"، وزاد: "هنالك لبس ينعكس على حداثة الشعر الحساني".
ودعا الباحث في المجال الأدبي إلى اتخاذ مواقف جديدة في القضايا المرتبطة بالشعر الحديث، مردفا بأنه لا يمكن أن يكون هنالك تغيير من فراغ، قبل أن يؤكد أن "هناك حداثة بينية في الشعر الحساني قد تساهم في إيجاد رؤية نقدية جديدة بعيدا عن المحاكاة والتقديس".