الرباط - المغرب اليوم
يوم 15 مارس الماضي، تجمّع عدد من المغاربة العالقين في فرنسا بمطار "أورلي" وطالبوا بإعادتهم إلى المغرب، بعد يومين من إعلان السلطات المغربية إغلاق الحدود الجوية والبرية والبحرية. وفي اليوم الموالي قصَد رشيد سعيدي الفندقَ حيث كانوا يقيمون، ليستفسرهم ما إن كانوا بحاجة إلى مساعدة، وكانت هذه الزيارة سببا في إيوائه لثلاثة وستّين مغربيا ممن علقوا في فرنسا، وتوفير الإطعام لهم، بشكل مجاني طيلة شهرين ونصف الشهر.
رشيد سعيدي يَشغل منصب مدير الاستغلال بمجموعة فنادق "موسيو" بباريس التي تضم أحد عشر فندقا؛ ومنذ إغلاق المغرب حدوده ظلّ يتتبّع أحوال المغاربة العالقين في فرنسا عبر الشبكات الاجتماعية، وكلما صادف مغربيا بحاجة إلى مساعدة يتواصل معه مباشرة، ولم يتردّد في فتح أبواب الفنادق التي يُديرها، بعد تشاوُر مع أصحابها، في وجه المغاربة المحتاجين إلى الإيواء والإطعام.
بلغ عدد المغاربة الذي وفّر لهم رشيد سعيدي الإيواء والمأكل والمَشرب، بشكل مجاني، طيلة أزيد من شهرين ونصف الشهر، 63 مواطنا مغربيا من العالقين في فرنسا، وفي شهر رمضان وسّع العمل التطوعي الذي قام به رفقة ثلاثة شبان آخرين، هم حكيم حمدوني في مدينة ليون، ورشيد بركة في مرسيليا، وندية البهليل في كرونوبل، لإطعام المغاربة العالقين، حيث وفّروا لهم أزيد من 1500 وجبة، وقدموا لهم مساعدات أخرى.
"اتصلت بأصحاب المجموعة الفندقية التي أديرها بخصوص إيواء المغاربة العالقين في فرنسا، فقالوا لي لك أن تتصرف كما شئت، ففتحْت الفندق الأول لزوج مغربي رفقة زوجته، ثم تزايد العدد إلى أن وصلنا إلى ثلاثة وستين من المغاربة العالقين في فرنسا، وفّرنا لهم الإيواء والإطعام وكلَّ شيء مجانا"، يقول سعيدي لهسبريس.
ويؤكّد هذا الشاب المغربي المتحدّر من بلدة آيت سيموح ببين الويدان، المزداد في مدينة تمارة، أنه حرِص على التعامل مباشرة مع المغاربة المحتاجين إلى مساعدة، وتفادي التعامل مع الجمعيات، حتى لا يتم استغلال عمله التطوعي رفقة الخلية المصغرة المتعاونة معه لأهداف أخرى، مشيرا إلى أن القنصليات المغربية لما علمتْ بالأمر فتحت قنوات التعاون معه لتحسين وضعية المغاربة العالقين.
ولم تقتصر المبادرة التضامنية التي قام بها رشيد سعيدي إزاء المغاربة العالقين في فرنسا على توفير الإيواء والإطعام لهم، بل ساعد كذلك الذين انتهت مدة صلاحية تأشيراتهم على تمديدها، ووقف إلى جانب المحتاجين منهم إلى مساعدة خاصة، مثل مغربية كانت حاملا جاءها المخاض أثناء مقامها في فرنسا، حيث تكفل بنفقات ولادتها في مصحة خاصة.
ويؤكد الشاب المغربي أن وقوفه إلى جانب مواطنيه العالقين في فرنسا وفي دول أخرى، حيث توسّع عمل الخلية التي أنشأها رفقة أصدقائه ليشمل مغاربة في مختلف القارات، أملاه واجب التضامن الإنساني ولا يبتغي من وراء ذلك جزاء ولا شكورا، مضيفا: "خلال مرحلة كوفيد رأينا أشياء إيجابية جدا، وعبّر المغاربة عن تضامن كبير فيما بينهم".
وفي المقابل، أشار رشيد سعيدي إلى أن بعض المغاربة العالقين في الخارج تصرفوا على نحو سيء واستغلوا وضعيتهم لتحقيق مصالح شخصية، حيث جمع بعضهم مبالغ مالية من المتطوعين بداعي مساعدة العالقين، لكنهم وضعوها في جيوبهم، في حينِ روّج آخرون إشاعات لا أساس لها.
وتابع المتحدث: "صادفتُ أشخاصا على الشبكات الاجتماعية قالوا إنهم بحاجة إلى المال لأنهم يعيشون في الشارع، وعندما عرضتُ عليهم المجيء إلى الفندق تهرّبوا، لأن هدفهم في الأصل كان هو جمع المال"، مضيفا: "في فرنسا ما كاينش شي مغربي نعس فالزنقة، اللي ما جاش لعندي تكلفت بيه السفارة والقنصليات ولا مشا عند شي حد من العائلة ديالو".
علاقة بذلك، قال رشيد سعيد إن المسؤولين في المصالح القنصلية المغربية بفرنسا بذلوا أقصى ما في جهدهم من أجل مساعدة المغاربة العالقين، مشيرا في هذا الإطار إلى قنصل المغرب بمدينة كولومب، "اللي عاونات الناس بزاف، ووقفات معاهم، وكانت كتستقبلهم فالبيرو ديالها، ودارت الخاطر لكلشي، وكاينين موظفين أخرين دارو بحالها، وهادشي حضرت ليه"، على حد تعبيره.
المبادرة التي قام بها رشيد سعيدي خلفت ارتياحا لدى المغاربة الذين وفّر لهم الإيواء والإطعام في الوحدات الفندقية التي يديرها، "سي رشيد واخا نگولو أي كلمة فحقك ماغاديش تقدنا، حيتاش درتي فينا واحد الخير كبير"، يقول صلاح، في مقطع فيديو صوّره رفقة أربعة من الشباب المغاربة الذين آواهم سعيدي لشكره على مبادرته.
قد يهمك ايضا
حقيقة استثناء مغاربة عالقين وأصحاب السيارات من الإجلاء
"تعليقات كورونية مسيئة" تزيد مِن إحباط مغاربة عالقين في الخارج