الرباط - المغرب اليوم
يسائل مؤلَّف جماعيّ جديد دور المؤرّخ في فهم الأزمات التي لا تزال تنتمي إلى الرّاهن، متّخذا مثالا مِن جائحة كورونا" المستمرّة، محاولا فهم مختلف تداعياتها، انطلاقا من الأزمات المماثلة التي عرفها التاريخ.
وعنوِن هذا المؤلَّف، الصّادر عن منشورات مركز تكامل للدّراسات والأبحاث، بـ: "أيّ دور للمؤرّخ في فهم أزمة كورونا؟"، ونسّقه سعيد الحاجي، وشارك فيه كلّ مِن: إبراهيم القادري بودشيش، محمد حبيدة، عبد الواحد أكمير، الطيب بياض، البيضاوية بلكامل، محمد الأزهر غربي، مشيل باسيل عون، أسامة الزكاري، سعيد الحاجي، ومحمد مزيان.
ويكتب سعيد الحاجي، منسّق الكتاب، أنّ مشروعية سؤال هذا المؤلَّف: "أيّ دور للمؤرّخ في فهم أزمة كورونا؟" تأتي في ظلّ الانطباع السائد حول حقول معرفية مثل التاريخ، الذي يعتبر المؤرخ غير معنيّ بالتّفاعل مع الحدث الآنيّ، عكس حقول أخرى مثل الاقتصاد والقانون وعلوم النفس والاجتماعية والسياسية، وغيرها.
أمام هذا، يؤكّد منسّق الكتاب أنّ هذه ليست محاولة لفهم الأزمة لِذاتِها، لما ينطوي عليه هذا مِن مخاطر منهجيّة بالنّسبة للمؤرِّخ أهمّها خطر التّفسير بالاستناد على معطيات ظرفيّة قابلة للتّغَيُّر في أيّ لحظة، بل هي: "محاولة فهم لتداعيات الأزمة على مختلف المستويات، انطلاقا من الأزمات المماثلة التي عرفها التّاريخ".
ويذكر الحاجي أنّ هذا الكتاب الجماعيّ لا يتضمّن دراسات أكاديميّة تتعلّق بتاريخ الأوبئة في المغرب والعالَم، بل "مقالات تأمّليّة لعيّنة من المؤرِّخين المنتمين إلى أجيال مختلفة، ومباحث تاريخيّة متنوّعة، الهدف منها الإجابة عن السؤال المطروح بخصوص دور المؤرِّخ في فهم الأزمة إلى جانب المتخصّصين في الحقول المعرفيّة الأخرى، وتوثيق التفاعل الآني للمؤرّخ معها".
ويؤكّد هذا الكتاب الجماعيّ "ضرورة توثيق حضور المؤرّخ في الأحداث الرّاهنة، والتّشجيع على مراكمة ما يرتبط بهذا الحضور"؛ لأنّ المؤرّخ "وإن كان يضطلع بمهمّة كتابة التّاريخ انطلاقا من مسافة معيّنة، سواء كانت زمنيّة أو منهجيّة، فإنّ هذا لا يعني غياب إمكانية تفاعله مع الحاضر بقدر تفاعله مع الماضي".
وفي مَتن المؤلّف، يرى إبراهيم القادري بودشيش أنّ دور المؤرّخ في فهم أزمة "كورونا" يتحدّد آنيا في محاولة بناء عتبة الفهم الأوليّ للأزمة، عبر مجموعة من التّرتيبات النظريّة والإجرائيّة؛ بينما يضع محمد حبيدة أزمة "كورونا" في سياق المقارنة مع وباء الكوليرا لإبراز الانتقال من الحدود البيولوجية إلى العولمة الفيروسيّة، وينطلق عبد الواحد أكمير من زاوية تأثير الجوائح على الدولة والحضارة لاستشراف تأثير وباء "كورونا" على البنيات السياسية للدّول والحضارات.
في استمرارٍ لاهتمامه بالتاريخ الراهن، يطرح الطيّب بياض مسألة التاريخ بين الجدوى والموضوع وآليات الاشتغال، ويختار محمد الأزهر غربي العودة إلى سياقات الأوبئة عبر وضع وباء كورونا في سياقه التاريخي، مثل الأوبئة المماثلة التي عرفها التاريخ.
وفي كتاب "أيّ دور للمؤرّخ في فهم أزمة كورونا؟"، يحاول ميشيل باسيل عون رصد دور أزمة كورونا في استنهاض العقل الإنساني، ويعالج أسامة الزكاري فهم مسألة العودة إلى الفردانيّات في زمن الوباء، وتسائل البيضاوية بلكامل جدوى العودة إلى التاريخ لفهم ما يجري خلال أزمة "كورونا"، ويقدم محمد مزيان ملاحظات أولوية حول علاقة المؤرِّخ بـ"كوفيد - 19"، بينما يُبرِز سعيد الحاجي دور التاريخ في فهم وتفسير السّلوك التّضامنيّ للدّولة والمجتمع خلال أزمة كورونا.
ويتضمّن هذا المؤلَّف الجماعيّ الجديد أيضا قراءة في المعطيات الإحصائية والتّجارب العلاجيّة المتعلّقة بجائحة "كورونا" أنجزها كلّ مِن إبراهيم أوباها والحسين المكحول وامبارك اركوكو.
ومن بين ملاحظات الكتاب ما نبّه إليه المؤرّخ سعيد الحاجي، قائلا: إنّ تفسير عدم انضباط المجتمع لتدبير وقائيّ معيّن قد يجد نفسه في خلفيّة ثقافيّة تشكّل امتدادا لبنية تشكّلت على مدى عقود أو قرون، كما يحيل تدخّل الدّولة لتعزيز حضورِها في المجتمع عبر رجال السّلطة على أدوار ثابتة لها بنفس الآليات في أزمات مماثلة خلال فترات تاريخيّة سابقة.
قد يهمك ايضا:
32 جنازة جديدة بالمملكة وعدد ضحايا “كوفيد” يقترب من الألف
تعرف على التوزيع الجغرافي للإصابات بفيروس "كورونا" في المغرب الإثنين