الرباط ـ المغرب اليوم
أصدرت أكاديمية المملكة المغربية كتابا جمّع أعمال الندوة التي نظمتها في شهر فبراير من السنة الحالية، 2018، حول الشخصانية الإسلامية عند محمد عزيز الحبابي، الفيلسوف المغربي.
ويتضمن هذا الكتاب مساهمات جيلين من الباحثين المغاربة؛ الجيل الذي احتك بالحبابي وتتلمذ على يديه مثل محمد المصباحي، المتخصص في الفلسفة الرشدية، ومحمد مصطفى القباج، المتخصص في التربية، والجيل الحالي من الأكاديميين والباحثين مثل محمد الشيخ، المشتغل بالفكر الفلسفي الغربي والفكر العربي، ويوسف بن عدي، المشتغل بالفكر الفلسفي العربي، ومحمد مزوز، المتخصص في الفلسفة الإسلامية. كما تضمن الكتاب دراسات عن حضور فلسفة الحبابي، الشخصانية الإسلامية، في الدراسات الفلسفية بألمانيا وإسبانيا.
وورد في النص التقديمي لأعمال الندوة، التي جُمّعت بهذا الكتاب، تساؤل طرحه عبد الجليل الحجمري، أمين السر الدائم لأكاديمية المملكة المغربية؛ يقول فيه: "لو أننا أنصتنا للكلمات الحكيمة لهذا الفيلسوف في تلك الأزمة المضطربة ألم نكن لنتجنب استئصال الفلسفة وإغلاق معهد علم الاجتماع؟ وألم يكن بإمكاننا إطلاق تفكير يوفق ما بين الفلسفة والدين، كما كان الأمر في زمن ابن رشد؟". مسلّطا الضوء، في النص نفسه، على أهمية الفكر النقدي بتساؤُلِه الاستنكاري حول فتح استقالة الفكر النقدي الطريق لمختلف أشكال الانغلاق الفكري.
وجاءت هذه الندوة، حسب أكاديمية المملكة المغربية، ضمن أنشطة أكاديمية جديدة تنظّمُها، ويستحضر فيها الباحثون والمهتمون "وجوه الفكر في المغرب" الذين أثروا التفكير في القضايا الكبرى التي شغلت المجتمع والدولة والفكر في المغرب طيلة الستين سنة الأخيرة، سواء كانوا مغاربة أو غير مغاربة.
وتمّ في أشغال الندوة الاحتفاء النقدي بالرصيد الفلسفي الذي تركه الحبابي، ولا سيما إنتاجاته المتعلّقة بالقضايا والانفتاحات الفكرية التي اقترحها على الفكر الإنساني والعربي في كتابه المعنون بالشخصانية الإسلامية، حسب منشور عمّمته أكاديمية المملكة.
ويمثل محمد عزيز الحبابي، حسب الأكاديمية، نموذجا للمثقف العصري في الثقافة المغربية منذ أواسط الخمسينيات، الذي كانت له أدواره في تأسيس الدرس الفلسفي المغربي، وإطلاق حركية تنظيمية حول الفكر والثقافة بالمغرب؛ من خلال إسهامه في تأسيس اتحاد كتاب المغرب، وجمعية الفلسفة بالمغرب، وأطر أخرى سعت إلى إشاعة الفكر العصري، فضلا عن كونه يعد أحد أعضاء أكاديمية المملكة المغربية النشطين.
تجدر الإشارة إلى أن الراحل الحبابي كان من مؤسسي شعبة الفلسفة بالمغرب، وسبق أن رُشّح من أجل نيل جائزة نوبل للآداب عن أعماله الشعرية والنثرية والفلسفية، وألّف مجموعة من الكتب التي تنطلق من "الشخصانية" في المجال التداولي الغربي، وتبحث في مفهوم الشخص في السياق الإسلامي؛ ومن بينها "الشخصانية الإسلامية"، و"من الكائن إلى الشخص"، و"من الحريات إلى التحرّر".