باريس - المغرب اليوم
افتتح الثلاثاء في العاصمة الفرنسية باريس مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في حفل خاص في متحف اللوفر في العاصمة الفرنسية. ويبرز المركز الذي يقع في جناح الساعة إنجازات مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، كما يروي تاريخ قصر اللوفر، ويساعد على شرح مجموعات مقتنياته الفنية المعروضة في المتحف لملايين الزوار الذين يرتادونه كل سنة ، كما سيساعد على تعزيز التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية فرنسا في المجال الثقافي على وجه الخصوص, فيما حضر مراسم الافتتاح، الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي، و الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند، ومحمد خليفة المبارك رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة ، وزكي أنور نسيبة المستشار الثقافي في وزارة شؤون الرئاسة، وسيف غباش المدير العام لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة.
وألقى الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان والرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند كلمتين في حفل الافتتاح, وفي كلمته أعرب الشيخ عبد الله بن زايد عن شكره للرئيس أولاند على ترحيبه الحار، والتي قال إنها ترجمة للروابط القوية بين قيادتي وحكومتي وشعبي البلدين, كما نقل تحيات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة إلى الرئيس الفرنسي وتحيات الشعب الإماراتي, وقال: إن الثقافة قادرة على توحيد البشرية وهو ما يذكرنا جميعاً بأن هناك قواسم مشتركة بين كل البشر. وأضاف: اليوم موجودون في أعرق المعالم الثقافية في العالم، حيث تلتقي الحضارات البشرية ويجتمع الباحثون عن الإلهام". ونوه بالتقدم الذي أحرزته العلاقات الإماراتية الفرنسية في مختلف الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية, تابع, اليوم نشهد نتيجة ذلك المستوى من العلاقات الثقافية بين بلدينا.. ها نحن نشهد الآن ذروة هذه العلاقة المتنامية من خلال افتتاح مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان المكرس لتاريخ ومقتنيات قصر اللوفر في باريس، ويؤكد هذا الحدث التاريخي على المبدأ الإنساني المهم الذي لخصه الشيخ زايد بقوله "إن تعليم الناس وتثقيفهم في حدّ ذاته ثروة كبيرة نعتز بها فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي".
وأوضح, "استناداً إلى هذه الحقيقة تم افتتاح جامعة السوربون - أبوظبي في العام 2006، والتي تخرج منها طلاب ينتمون إلى أكثر من 75 جنسية، كما شهدت علاقات التعاون الثقافي بيننا تنظيم المعارض والمشاركة في الفعاليات الفنية والتشكيلية والموسيقية في كلا البلدين الصديقين" وقال, إن فرنسا كانت في الميدان السينمائي ضيفة الشرف في مهرجان أبوظبي-2016 وفيه أدت أوركسترا باريس عدداً من الحفلات الموسيقية. وأضاف ه أن الإمارات انضمت في العام 2010 إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية من أجل دعم مبادئ هذه المنظمة وأهدافها ومثلها العليا على مستوى البلدان الناطقة بالفرنسية وعلى المستوى العالمي.
وأشاد عبدالله بن زايد بما وصفه بأنه واحد من المشاريع الثقافية الأكثر طموحاً في القرن الـ21 ويمثل ثمرة الروابط الثقافية الثنائية بين البلدين، وهو افتتاح متحف اللوفر- أبوظبي قريباً الذي من المقرر أن يكون أهم متحف عالمي في منطقة الشرق الأوسط بما يحتضنه من تحف الحضارات الإنسانية، بينما يبرز في الوقت نفسه الثقافة العربية وثقافة منطقة الخليج وقال في هذا الوقت بالذات الذي تتعرض فيه منطقة الشرق الأوسط لأحداث مأساوية وخطيرة كان لها تأثيرها الدامي على فرنسا وبلدان أخرى.. أنا واثق أن هذه الأنواع من الروابط الثقافية المتينة بين الجانبين ستتيح لشعوب وحضارات العالم المختلفة التعاون بدلاً من التنافر”.
وأضاف, "من المقولات الجميلة للفنان الفرنسي ثيودور جيركو : إن الفرشاة تستطيع فقط أن ترسم لكن الخيال هو الذي ينتج الألوان.. وإن متحف اللوفر هو في الحقيقة فضاء يحث البشر على استخدام خيالهم، كما يحثنا على أن نحلم بمستقبل جميل للأجيال القادمة على أمل أن تلهمها هذه المبادرات المشتركة بين فرنسا والإمارات العربية المتحدة، وتحثها على إدراك أن السلام والتعايش هما الخياران الوحيدان للبقاء في المجتمع الدولي. إنها الطريق الأمثل لحماية التفاعل والتواصل بين الشعوب والأفضل لمصلحة أمن واستقرار العالم برمته".
شكر عبدالله الرئيس فرانسوا أولاند والحكومة الفرنسية، كما توجه بالشكر إلى القائمين على متحف اللوفر-أبوظبي ووكالات المتاحف, الفرنسية، وإلى مسؤولي قطاع الثقافة في هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، الذين عملوا على تحقيق هذا الإنجاز الكبير.
وألقى الرئيس الفرنسي كلمة أشاد فيها بالمغفور له الشيخ زايد ، الذي وصفه بالصديق العظيم لفرنسا، والذي أظهر هذه الصداقة حتى آخر سنوات حياته. كما وجه الشكر ل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقال: هناك تحد على وشك الكشف عنه يبعد آلاف الكيلو مترات من هنا، في أبوظبي ، إنه المشروع الأكبر ثقافياً الذي نقوده معاً في خارج فرنسا، احيي بعد النظر لهؤلاء الذين أطلقوا هذا المشروع قبل عشر سنوات تقريباً .. ففي خلال بضعة أشهر متحف للوفر أبوظبي سيفتح أبوابه، سوف يكون حدثاً مهماً للمنطقة، وكذلك للعالم لأنها رسالة، كما ذكرتموها كم للثقافة والإنسانية، للحوار، للسلام. وتابع : في حين أنه في سوريا والعراق هناك من يبيد أهاليها، ويهجم على ذاكرتهم وتاريخهم وثقافتهم.
وقال محمد خليفة المبارك: "إن حضور الإمارات في قلب متحف اللوفر- باريس يعكس روح متحف اللوفر-أبوظبي كتحالف لا نظير له بين البلدين والأهم من ذلك أنه يعكس رؤية الأب المؤسس الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ،رحمه الله ، « حول بناء جسور بين كل أمم العالم".
ويعد تأسيس المركز الجديد تكريماً ملائماً لالتزام الشيخ زايد طوال حياته بالتراث والثقافة. وباعتباره داعماً فاعلا للتنقيب عن الآثار في الإمارات على مدى أكثر من 50 سنة كان الشيخ زايد مسؤولا عن تأسيس متحف العين الوطني ، وهو الأقدم في كل الإمارات، وذلك في فترة تأسيس ونشأة الاتحاد.. وباعتباره مؤمناً بالحوار الثقافي بين الحكومات.
وعلى المستوى الدولي، بنى الشيخ زايد أيضاً روابط ثقافية مع بلدان العالم وسيساعد وجود المركز في متحف اللوفر في باريس على إلقاء مزيد من الضوء على مساهمة الشيخ زايد في إثراء المشهد الثقافي العالمي.
وتم افتتاح مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي يقع بين ساحة كور كاريه وساحة نابليون بعد خضوع جناح الساعة لعملية ترميم وتجديد شاملة. ويحكي المركز قصة وتاريخ القلعة الفرنسية التي بناها الملك فيليب أوغست "فيليب الثاني" في العام 1200 ميلادية لتصبح فيما بعد مقر إقامة ملوك فرنسا المتعاقبين وأصبح المكان الآن المتحف الأكثر شعبية في العالم.
وتم تجهيزه بأحدث الوسائل الإعلامية ومنها الأفلام ثلاثية الأبعاد والرسوم المتحركة والنماذج المصغرة وغير ذلك. وسيكون في وسع الزوار التجول عبر آثار من العصور الوسطى ثم الانتقال إلى الحجرات الملكية والكنائس لينتهي بهم المطاف إلى مستقبل متحف اللوفر نفسه، حيث سيرون نموذجاً لمتحف اللوفر-أبوظبي إلى جانب العديد من المشاريع الأخرى من بينها متحف اللوفر- لينس في شمال فرنسا.
وعندما يتم افتتاح متحف اللوفر- أبوظبي سيتم عرض 600 عمل فني منها 300 عمل تمت استعارتها من 13 مؤسسة فرنسية، من بينها متحف اللوفر في باريس، وسيتم عرضها إلى جانب مجموعة الأعمال الدائمة لإبراز التأثيرات والمواضيع المشتركة في كل التاريخ البشري, ومن المقرر أيضاً أن يستضيف متحف اللوفر-أبوظبي معارض مؤقتة مميزة في مساحة مخصصة لهذا الغرض ومتحفاً للأطفال ومركزاً للبحوث.
وقال الرئيس الفرنسي: "إن اللوفر أبوظبي أكبر من مجرد متحف عالمي جديد يرى النور في الشرق الأوسط، ومع مؤتمر شهر كانون الأول/ديسمبر في أبوظبي ، هناك تحالف عالمي للثقافة , تحالف عالمي للسلام والحوار والحضارة، أو بالأحرى لأجل الحضارات ، لأننا نريد هزيمة الإرهاب والهمجية، يجب علينا القيام به باستخدامنا للقوة وهذا ما قررنا به من جانبنا، كما يجب علينا القيام به على المستوى السياسي للحصول على حلول لسبب الصراعات، ولكن في الوقت ذاته يجب القيام به مع احترام اشتراطات الجوانب الأخلاقية والفكرية والروحية والثقافية.