الرباط - المغرب اليوم
اعتبر الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، أن المغرب وإسبانيا يجسدان نموذجا، ليس فقط لحسن الجوار، "ولكن لجوار آمن تُكرسه الثقة، قبل المصلحة، والتوجه إلى بناء المستقبل المشترك على أساس قراءة إيجابية متفائلة، برؤية رصينة للتاريخ المشترك؛ رؤية تستحضر روح ابن رشد وابن حزم، وتعيد إلى ذاكرة الأجيال الحالية والقادمة أن في ضفتي أقصى غرب البحر المتوسط ازدهرت حضارة عظيمة كانت أساس البناء العلمي الحديث والمعاصر".
ودعا المالكي، في معرض كلمته التي ألقاها في افتتاح أشغال الدورة الرابعة للمنتدى البرلماني المغربي الإسباني بمدريد، إلى "تخليص التاريخ الذي يجمع بين البلدين من الشوائب"، مؤكدا أنهما يتقاسمان القناعة نفسها بأن التحديات التي تواجههما معاً، والمتمثلة في العنف والإرهاب والتشدد، والهجرات والنزوح غير القانونيين، وتداعيات النزاعات الإقليمية والداخلية في منطقتي الشرق الأوسط وجنوب حوض المتوسط، وتفاقم نزعات وخطابات الانفصال، وتدهور البيئة وتداعيات الاختلالات المناخية، "تفرض الانتقال من الحوار والتنسيق إلى إعمال سياسات مشتركة، واعتماد مواقف موحدة في المحافل الدولية".
وأوضح رئيس مجلس النواب أن المغرب وإسبانيا يتوفران على ما يكفي من المؤهلات والأسباب التي تيسر هذا التوجه المشترك، وهذا التطابق في التعاطي مع العلاقات الدولية والمعضلات التي يواجهها العالم؛ "فكل منهما يشكل بوابة القارة التي ينتمي إليها إلى القارة الأخرى، كما أنهما يتقاسمان إحدى اللغات العالمية الغنية بالإبداع والجمال والأفكار، وهي الإسبانية التي تشكل جسر تثاقفAcculturation وحوار بين الشعبين، وبين النخب في البلدين".
تَثَاقُفٌ اعتبر المالكي أن الجالية المغربية بإسبانيا والجالية الإسبانية في المغرب "تشكل أحد عناصر إخصابه، ويعززه الوجود النوعي للمقاولات الإسبانية التي تستثمر في المغرب، وتثري الروابط البشرية والثقافية والتاريخية بين البلدين من خلال جعل المنافع المشتركة إحدى الرافعات التي تضفي طابع الاستدامة على علاقات مملكتين عريقتين".
وبخصوص رهانات المنتدى، أوضح المالكي أنه ينبغي أن يكون أداة حوار وتوطيد لعلاقات البلدين واستشراف ما ينبغي أن تكون عليه علاقات بلدين جارين، والذي يتمحور في دورته الرابعة حول قضايا ورهانات مشتركة.."ففي السياسة كما في الأمن، يواجه البلدان تحديات مشتركة؛ فكلاهما استهدف غير ما مرة من طرف الجماعات الإرهابية ومن مصلحتهما تعزيز التنسيق الأمني وتبادل المعلومات لدرء التهديدات الإرهابية"، يوضح المتحدث.
وفي المقابل، يضيف رئيس مجلس النواب، "فإن كلا من إسبانيا والمغرب يعملان على ترسيخ الجهوية واللامركزية تكريسا لديمقراطية القرب والمشاركة السياسية؛ ولئن كانت الممارسة الإسبانية في هذا المجال بلغت مستوى كبيراً من النضج، ما يجعلها نموذجا أوروبيا وعالميا يحتدى به، فإن المغرب بصدد ترسيخ النظام الجهوي إيمانا منه بفوائده التنموية والسياسية، وفي تقوية الوحدة الوطنية، وقد اعتمد لهذا الغرض ما يلزم من تشريعات ونصوص تنظيمية لجعل نظامه الجهوي ناجعا وراسخاً وَميَسِّراً للازدهار وللحقوق".
وعن أهم المحاور التي سيناقشها المنتدى، والمتمثلة في الهجرة وتنقل الأشخاص، اعتبر المتحدث أن الأمر يتعلق "بتحد مشترك بالنسبة للبلدين معاً، واللذين يتميزان بكونهما مجتمعين دامجين، يحسنان استقبال الآخر"، مؤكدا أن اللحظات الحاسمة التي مر منها البلدان في بعض المراحل "أثبتت أن كلانا يقف إلى جانب الآخر؛ فقد وقف المغرب ومازال إلى جانب سيادة ووحدة المملكة الإسبانية في مواجهة الانفصال، كما دعمت إسبانيا الموقف المغربي لدى الاتحاد الأوروبي"، وفق تعبيره.