الرباط - المغرب اليوم
تتواصل فعاليات الدورة الرابعة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى الروحية بعروض فنية تؤكد أن التلاقح الثقافي والانفتاح على الآخر والتعرف عَلى ثقافته أمر ممكن، ويصير، عبر بوابة الموسيقى، لغة العالم الموحدة التي يفهمها الجميع.
مساء أمس الخميس كان جمهور مهرجان فاس للموسيقى الروحية على موعد مع حفل فني في باب الماكينة، ضمّ ثلاثة فرق موسيقية، من ثلاث جنسيات مختلفة. تختلف آلات كل مجموعة عن الأخرى، وأزياء العازفين مختلفة، لكن الموسيقى وحّدتهم.
تصدح حنجرة قائد فرقة السماع من فاس بأمداح نبوية تنفذ إلى أعماق الروح، وأجساد أعضاء فرقة الكورال التي ترافقه تتمايل على إيقاعاتها البديعة، وحناجرهم تنطلق كلمة خالق الكون (الله)، في سفر هادئ إلى عوالم روحانية.
تختم فرقة السماع الفاسية مقطوعتها تحت تصفيقات حارة وصيحات تنويه من الجمهور، فتنبعث من على المنصّة نغمات حزينة قادمة من جوف نايِ عازفٍ من فرقة الشيخ أحمد حسين أحمد والشيخ غنان القادمة من صعيد مصر.
وحين أنهى عازف الناي الصعيدي معزوفته التي راقت الجمهور وصفق لمؤدّيها بحرارة، انضمّت إلى أنغام الناي أنغام العود، ثم تلتْها أنغام باقي الآلات الموسيقية القادمة من الصعيد المصري، قبل أن يبرز وسط المنصة قائد المجموعة الذي أدّى بدوره أغاني روحانية، بصوت مبحوح، على إيقاع هادئ سرعان ما تحوّل إلى "جذبة" تفاعل معها الجمهور.
وما كاد صوت آخر نغمة من نغمات الآلات الموسيقية للمجموعة المصرية يخفت، حتى انبعث صوت آلات موسيقية إفريقية، لم تخرج إيقاعاتها عن الجو الروحاني الذي أطر أداء مجموعة السماع الفاسية، ومجموعة الشيخ أحمد حسين والشيخ غنان من مصر.
وأعقبت نغماتِ الآلات الموسيقية الإفريقية ابتهالات من قائد مجموعة الشيخ باب صوري دجمبرا القادمة إلى العاصمة العلمية للمملكة من السنغال، وهي مجموعة متخصصة في أداء أغان صوفية.
وبعد أزيد من ساعتين من السفر بجمهور باب الماكينة إلى عوالم روحانية، بإيقاعات مختلفة، توحّدت الفرق الإفريقية الثلاثة، وانصهر أعضاؤها جميعهم في أداء أمداح مغربية، خلقت جوا روحانيا بديعا.
الأجواء الروحانية التي سادت في باب الماكينة تواصلت في دار التازي وسط المدينة القديمة بفاس، والتي تحتضن منذ انطلاق مهرجان فاس للموسيقى الروحية ليالي صوفية. وكانت ليلة أمس متميزة بمشاركة فرقة الحضرة الشفشاونية، التي تتشكل من النساء فقط.
وتتواصل فعاليات مهرجان فاس للموسيقى الروحية، المنظم هذه السنة تحت شعار "معارف الأسلاف"، اليوم الجمعة، بعدد من السهرات، تفتتحها فرقة سانت إفرايم مال شوار وبيتا باليا من هنغاريا، في حديقة جنان السبيل على الساعة الرابعة والنصف، تليها سهرة تحييها فرقة السفرديين بقيادة عازف القيثارة الفنان جيرارد إيدري، على الساعة السادسة والنصف.
وفي الساعة التاسعة مساء سيكون جمهور فاس للموسيقى الروحية على موعد مع سهرة كبرى في باب الماكينة تحييها فرقة مكونة من عازفي كمان قادمين من سراييفو. ويُختم برنامج اليوم ما قبل الأخير من المهرجان بليلة صوفية في دار التازي تحييها الطريقة العيساوية.