الرباط - المغرب اليوم
معطيات مثيرة للقلق تلك التي كشف عنها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي حول وضعية الجامعات المغربية ذات الاستقطاب المفتوح. إذ أبرز في تقرير جديد له حول "تقييم التعليم العالي.. الفعالية والنجاعة والتحديات" أن "نسبة كبيرة من الطلبة الجامعيين ينْقَطِعُون عن الدراسة حتى قبل أن ينالُوا شهاداتهم الجامعية"، مضيفا أن "الهدر المدرسي بالتعليم الجامعي على مستوى الإجازة الأساسية مازال قائماً بمؤسسات التعليم العالي ذات الاستقطاب المفتوح".
التقرير، الذي قدمته رحمة بورقية، مديرة الهيئة الوطنية لتقييم منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي بالمجلس ذاته، اليوم الأربعاء، خلال ندوة صحافية لتقديم نتائج أشغال الدورة الرابعة عشرة لجمعيته العامة، أكد أن "المؤسسات الجامعية ذات الاستقطاب المفتوح وعددها 56؛ استقبلت عام 2016-2017 أزيد من 88.3 بالمائة من الطلبة الجامعيين، في حين لم تتعد نسبة الطلبة الذين اتجهوا إلى مؤسسات التعليم ذات الاستقطاب المحدود (وعددها 68) 11.7 بالمائة".
ووفق دراسة حول الهدر الجامعي، من خلال تتبع ستة أفواج من المسجلين في الإجازة الأساسية في ثلاث جامعات انطلاقا من سنة 2007، فإن "32 بالمائة فقط من الطلبة حصلوا على شهاداتهم، في حين أن 65 بالمائة من الطلبة الباقين انقطعوا عن الدراسة، ولم يحصلوا على شهاداتهم الجامعية".
و"هذه النسبة ماضية في التقلُّص، حيث بلغت سنة 2015 حوالي 54 بالمائة، وهو رقمٌ في حدّ ذاته مهول"، تقول بورقية.
وتوقفت الدراسة ذاتها عند تكلفة التسيير السنوي المتراكمة، التي تنفق على أفواج المنقطعين من الطلبة الجامعيين، مشيرة إلى أن "هناك كلفة مالية مهمة تنفق على المنقطعين أكثر ممن تحصلوا على شهاداتهم، حيث بلغت تكلفة التسيير بالنسبة للمنقطعين 1122.18 مليون درهم، فيما ذهبت 515.06 مليون درهم إلى الخريجين في المدة القانونية".
وفي تحليلها لأرقام الدراسة، قالت بورقية في مداخلتها إن "هذه الإشكالية تظهر بوضوح في الإجازة الأساسية، بينما تغيب على مستوى سلك الماستر؛ لأنه مبني على الانتقاء، مما يسائل فعالية نظام الإجازة-الماستر-الدكتوراه، الذي تم العمل به في 2004 بهندسة بيداغوجية جديدة"، مشيرة إلى أن "هناك صعوبات تحولُ دون إصلاح هذا النظام، من بينها كثافة أعداد الطلبة، عودة تدريجية إلى نظام الامتحانات السابق في بعض الكليات، وثغرات التعليم المدرسي التي تلاحق التعليم العالي".
في مقابل ذلك، كشف التقرير أن "كليات الحقوق تحتضن أكبر عدد من الطلبة، وأن معدلات الطلبة بالنسبة لكل أستاذ تصل في المغرب إلى 173 طالبا لكل أستاذ، بينما كانت تصل هذه النسبة سنة 2013 إلى 130 طالبا لكل أستاذ. أما في مسلك الآداب العلوم الإنسانية، فتصلُ نسبة التأطير إلى 87 طالبا لكل أستاذ، وفي الشعب العلمية تبلغُ نسبة التأطير إلى 35 طالبا لكل أستاذ".
وسلّط التقرير الضوء على بنية الجامعات المغربية من حيث عدد المقاعد، مسجلاً "هوة بين الطاقة الاستيعابية للجامعة وأعداد الطلبة، حيث مقعد جامعي لكل 211 طالبا بالنسبة للجامعات ذات الاستقطاب المفتوح، ومقعد لكل 67 طالبا بالنسبة للجامعات ذات الاستقطاب المحدود".
وتحتلُّ شعب القانون والاقتصاد الرتبة الأولى من حيث الطاقة الاستيعابية حسب الحقول المعرفية؛ حيث أشارت معطيات التقرير إلى وجود "مقعد لكل 262 طالبا". أما بالنسبة إلى شعب العلوم فهناك "مقعد لكل 160 طالباً".
وفي عرضه لواقع الجامعات المغربية، سجل التقرير أن 60 بالمائة من الميزانية التي تخصصها وزارة التعليم العالي للجامعات تذهب إلى الأجور، مضيفا أن "تكلفة كل طالب جامعي في مؤسسات الاستقطاب المفتوح تصل إلى 10 آلاف درهم، بينما تصل في مؤسسات الاستقطاب المحدود إلى 40 ألف درهم". وهذه أرقام متدنية جدا مقارنة بنماذج جامعية دولية، تقول بورقية.
ويرى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن "المشاكل التي يتخبط فيها التعليم العالي بالمغرب ترجع بالأساس إلى "غياب التعاقد مع الجامعات الأجنبية، والاستقلالية غير الفعلية للجامعات، ووجود مجالس جامعات بأعداد كبيرة، مما يصعّب عملية اتخاذ القرار"، إلى جانب غياب هيكلة إدارية محكمة للجامعات، وغياب مخطط لرقمنة التعليم العالي.
وأوصى التقرير بتصحيح مسار LMD، وتحقيق حكامة فعالة في التدبير الجامعي، وتثمين الاستقطاب المفتوح وتجويده، واعتماد معيار التميز كيفما كان التخصص، والتفكير في طريقة جديدة لضمان وتنويع مصادر تمويل الجامعات.