الرئيسية » تحقيقات وأخبار بيئية
أطفال يجمعون الخردة

القاهرة - المغرب اليوم

 يسرج طفل التاسعة، إبراهيم حماره قبيل الشروق، ويضع على ظهره العربة التي يجرها، ويتأكد من ضغط الهواء على إطارات العربة، وبعد أن يشرب الشاي الأحمر مع أمه وإخوته، ويترك لهم ما تبقى له من نقود للإفطار، يتوجه إلى هناك في رحلة عمل مضن يعود بعدها منهكًا، لكن في جيبه ما يقيم الأود، يقطع إبراهيم وعربته التي يجرها الحمار مسافة تقارب خمسة عشر كيلومترا، بين مكان سكناه في أطراف المدينة باكرًا، حتى يتجنب زحام السير، ليصل إلى محطاته في الأحياء الراقية في المدينة، وهناك يجمع "الخردة" وقمامة الأثرياء، ليعيد بيعها لمن يحتاجونها، أو للمصانع التي تعيد تدويرها، لا يذهب إبراهيم في هذه الرحلة الطويلة برفقه حماره فقط، بل يرافقه شقيقه الأصغر سنًا، وطفل آخر من أبناء جلدته، وحين يصلون يجمعون من مكبات القمامة، أو من أمام الأبواب ليصطادوا ما تيسر من قمامة وخردة: "أغراض حديدية، بطاريات سيارات تالفة، زجاج، قوارير مياه غازية بلاستيكية، أو قطع بلاط أو سيراميك مكسرة"، وحين يحالفهم الحظ قد يجدون أشياء وآليات وهي تعمل، قد يجدون حين يحالفهم الحظ مكواة تحتاج لإصلاح لتعمل، أو هاتفًا جوالًا عتيقًا، أو حتى أجهزة صوت قديمة، ولهذه قيمة خاصة لأنها تباع 

في الأحياء الفقيرة بأسعار معقولة، لكل لقية من لقيات إبراهيم زبونها الخاص يشتريها منه في نهاية اليوم، فهناك من يشترون بطاريات السيارات التالفة ليستفيدوا من المعادن الموجودة داخلها، وهناك من يشترون الزجاجات الفارغة لإعادة تعبئتها، ومن يشترون قوارير المياه البلاستيكية التي تباع بالوزن ليعاد تدويرها. 

والأجهزة الكهربائية التي يعثر عليها "مصادفة" وهي تعمل بحالة معقولة "هواتف عتيقة، مكواة كهربائية، أجهزة راديو قديمة، دراجات مكسرة، وغيرها"، فهذه يأخذها ليستخدمها أو ليبيعها لسكان الحي الفقير الذي يقطنه، ويقول إبراهيم إنه يقضي سحابة يومه متجولًا في شوارع الأحياء الداخلية، يجمع خلالها ما تيسر من أغراض، توفر له بعض المال حين يعيد بيعها، ويضيف "إنه أحسن حالًا من غيره، لأنه يملك عربة كارو يجرها الحمار، أما زملاؤه ومنافسوه الآخرون، فمعظمهم يجمعونها على ظهورهم طوال اليوم".


وتتراوح عائدات إبراهيم ومساعديه بين مائة ومائة وخمسين جنيهًا سودانيًا - نحو عشرة دولارات - يوميًا، يقولون إنها تعينهم وأسرهم على حياتهم البسيطة والفقيرة، ويعمل إبراهيم ومساعدوه الصغار بجد لافت، ولا يتوقفون عن العمل إلاّ لتناول وجبة بسيطة أثناء النهار، وخلالها يطعمون حمارهم ويسقونه، فهو مصدر رزقهم كما يقول، وبعد أن يبيعوا مقتنياتهم يقسم إبراهيم العائد مع زميله موسى، وفق نسبة متفق عليها، ولا ينسى أن يسلم أخاه الأصغر نصيبه من "العملية"، وترك إبراهيم مدرسته، لأن أسرته غير قادرة على دفع مصاريفها، بل لأنها بحاجة لجهده وللمبالغ الزهيد التي يحصل عليها، لتعيش عليها. 

وتتكون الأسرة من أربعة أطفال وأمهم هجروا ديارهم بسبب الحرب في جبال النوبة، ولم يلبث أن تركهم والدهم ورحل إلى مناطق تعدين الذهب في صحاري البلاد منذ عامين، لكنه لم يعد منذ وقتها، ولم يسمعوا عنه، لكنهم لم يفقدوا الأمل في عودته غانمًا، وفي حقيبته كميات من المعدن الأصفر، تقيل عثرتهم وتنقلهم من بؤس حالهم إلى ثراء يحلمون به كثيرًا، ويقول إبراهيم إنه قد يعود إلى مدرسته حال عاد والده غانمًا، لكنه يقطع بعدم التخلي عن عمله، بل سيسأله مساعدته على التحول إلى تاجر خردة كبير يوظف عددًا من رفاقه في عمل، بل ليشتري كل ما هو قابل للتدوير لإعادة بيعه مباشرة للمصانع والورش وغيرها من المشترين. 

ويجسد إبراهيم وشقيقه الأصغر وصاحبه وموسى معاناة أعداد كبيرة من سكان أطراف المدن والمهاجرين واللاجئين، وساكني بيوت الزنك والكرتون والقش، هناك حيث يعشعش الفقر والفقراء، راسمين حدودًا 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

فيضانات كارثية في وسط وشرق أوروبا جراء العاصفة "بوريس"
الهلال الأحمر المغربي يستعرض حصّيلة مُساهماته في إعادة الإعمار…
الفيضانات تجرف حيوانات مفترسة إلى الشوارع في نيجيريا إلى…
صديقي يقوم بإعداد برنامج يهدف لإصلاح البنيات التحتية المتضررة…
مراكش تستضيف إجتماع دولي يُناقش قضايا البيئة والصحة في…

اخر الاخبار

أخنوش يتباحث مع الوزير الأول لساو تومي
وزير العدل المغربي يُجري مباحثات مع عدد من نظرائه…
بوريطة يُجري مباحثات مع الوزير الأول لغرينادا لتعزيز التعاون…
أخنوش يُجري مُباحثات ثنائية مع الوزير الأول بجمهورية غينيا…

فن وموسيقى

سعد لمجرد يُصدر أغنيته الهندية – المغربية الجديدة «هوما…
المغربية فاطمة الزهراء العروسي تكشف عن استعدادها لخوض تجربة…
منة شلبي تتألق في موسم الرياض بمسرحية شمس وقمر…
تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…

أخبار النجوم

سعد لمجرد يكشف عن عمل جديد مع الفنانة إيلي…
ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…

رياضة

"فيفا" يكشف أسباب ترشيح ميسي لجائزة "الأفضل"
محمد صلاح آقرب إلى الرحيل عن ليفربول لعدم تقديم…
مفاوضات غامضة بين محمد صلاح وليفربول وسط تصريحات مثيرة…
محمد صلاح في المركز الثاني كأفضل هدافي الدوري الإنكليزي…

صحة وتغذية

النوم الجيد مفتاح لطول العمر والصحة الجيدة
فواكه طبيعية تعزز صحة الكلى وتساعد في تطهيرها بشكل…
التغذية السليمة سر الحفاظ على صحة العين والوقاية من…
أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

الأخبار الأكثر قراءة

مزارع مغربي يضرب بقرة جاره حتى الموت بعد أن…
دراسة جديدة تكشف أن الشعاب المرجانية أصبحت مقبرة للمواد…
وزارة الداخلية المغربية تُحذر من تساقطات رعدية مرتقبة وتدعو…