سيدني - المغرب اليوم
توجد أسماك "غالاكسايا" السمينة، وهي سمك صغير من أسماك المياه العذبة بحجم الأصبع الوسطى باليد، في منطقة يبلغ طولها ثلاثة كيلومترات فقط من مجرى مائي في متنزه كوسيسكو الوطني في أستراليا، الذي تضرر بشدة جراء حرائق الغابات التي شهدتها البلاد في أواخر عام 2019 وأوائل عام 2020.
وتوجّه مارك لينترمانز، عالم البيئة المتخصص في الأسماك بجامعة كانبرا، في يناير/ كانون الثاني الماضي، ومع استمرار الحرائق، مع فريقه إلى منطقة «تانتانغارا كريك» بمرتفعات «نيو ساوث ويلز» ليعطي الأسماك صدمات كهربائية في محاولة لإنقاذها من الانقراض.
وقال لينترمانز: «أسماك غالاكسايا السمينة موجودة فقط فوق شلال يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار، مما يحول دون قيام سمك السلمون المرقط بغزوها في أعلى المجرى المائي».
ويعد سمك السلمون المرقط مصدر تهديد رئيسيا لنحو 15 نوعا من الأسماك في أستراليا، وبينها أسماك غالاكسايا السمينة التي يبلغ طول الواحدة منها 114 ملليمتراً، التي تشكل حرائق الغابات الآن تهديدا خطيرا لها على نحو متزايد.
وأوضحت وكالة الأنباء الألمانية أن هذه الأسماك مصنفة أنها أنواع مهددة بالانقراض على نحو خطير، من جانب الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وليس من جانب أستراليا، حيث العمل جار لإدراجها ضمن هذا التصنيف.
كان تم تصنيف أسماك غالاكسايا كنوع منفصل فقط في عام 2014؛ لذلك فهناك قدر ضئيل جدا من المعلومات التاريخية عنها.
لكن وفقا لتقديرات العلماء والباحثين، لم يتبق من هذه الأسماك سوى نحو ألفين. وفقد هذا النوع 98 في المائة، على الأقل، من موطنها خلال الأعوام المائة الماضية، منذ جلب سمك السلمون المرقط إلى أستراليا بغرض الصيد الترفيهي.
في الواقع، تتسبب أنواع كثير من الأسماك التي تم جلبها إلى أستراليا في ضرر جسيم للحيوانات المحلية. وعلى سبيل المثال، تسببت القطط والثعالب الوحشية في انقراض عشرين نوعا من الثدييات منذ أحضرت إلى القارة قبل مائتي عام، وفقاً لبيانات إدارة البيئة.
وعلى مدار العامين الماضيين، أضر الجفاف الشديد بأسماك غالاكسايا. وبالإضافة إلى ذلك، دمر نحو 20 ألفا من الجياد البرية ضفة المجرى المائي، مما أدى إلى القضاء على النباتات وتلويث المجرى. ولكن هذه الأسماك تواجه الآن خطرا جديدا، ألا وهو حرائق الغابات.
وقال لينترمانز إنه في الوقت الذي تنجو فيه هذه الأسماك من الحرائق الفعلية حيث تكون تحت الماء، يشكل هطول الأمطار الذي يعقب ذلك التهديد الرئيسي لها. وأضاف: «ينجرف كل الرماد إلى المجرى المائي، إلى جانب أوراق أشجار نصف محروقة وغير محترقة، والتي تبدأ في التحلل في الماء. ويؤدي هذا التحلل إلى نفاد الأكسجين في الماء.. ويغطي الرماد خياشيم الأسماك فيخنقها، كما تتضرر مصادر طعام الأسماك وبيئة تكاثرها».
وتسبب الرماد والحطام بالفعل في نفوق آلاف الأسماك المحلية في عدة مواقع بولاية «نيو ساوث ويلز».
واندلع حريق الغابات الأسوأ في منطقة مستجمعات المياه (أحواض التصريف) حيث توجد أسماك «غالاكسايا»، وذلك في منتصف شهر يناير الماضي، مع توقعات بهطول أمطار غزيرة في الأسبوع التالي.
وفي محاولة لإنقاذ أسماك «غالاكسايا» قبل أن تجرف الأمطار الرماد والرواسب إلى مياه النهر، رافق فريق إطفاء محلي الطاقم إلى المنطقة، حيث كان الحريق لا يزال مُشتعِلاً.
واصطاد الطاقم، الذي اضطر إلى قطع مهمة الإنقاذ بسبب تهديد آخر باندلاع مزيد من حرائق الغابات، نحو 142 سمكة باستخدام تقنية الصيد بالصدمات الكهربائية التي تصيب حركة الأسماك بالشلل لفترة قصيرة.
وأسماك «غالاكسايا» التي جرى صيدها موجودة حاليا في منشأة آمنة ومبردة في منطقة مزارع سمكية، ومن قبيل المفارقة أن هذه المنشأة كانت تستخدم لتربية سمك السلمون المرقط.
وتابع لينترمانز: «لذلك، ستكون المزرعة السمكية الخاصة بالسلمون المرقط بمثابة المنقذ لأسماك غالاكسايا الصغيرة».
وأوضح: «تأكل أسماك غالاكسايا وتتغذى في سعادة، حتى نحدد ماذا سنفعل بشأنها، ويتوقف هذا على ما سيحدث لمواطنها البرية حيث إن موسم حرائق الغابات سيستمر شهرين آخرين».
وقال: «السيناريو الأفضل هو أنه سيتم إطلاق هذه الأسماك في بيئتها القديمة في غضون ما يتراوح بين أربعة وخمسة أشهر، والسيناريو الأسوأ هو أن نحتفظ بها ونتعلم كيفية تربيتها».
ومنذ شهر سبتمبر (أيلول) 2019، أتت حرائق الغابات على أكثر من 12 مليون هكتار من الأراضي في شرق وجنوب أستراليا، كما أودت بحياة أكثر من مليار حيوان.
وتوصل تحليل أولي أجراه قسم البيئة إلى تضرر ما لا يقل عن 50 في المائة من بيئة أكثر من 100 نوع بها مهدد بالانقراض جراء حرائق غابات، وهي كارثة قد تؤدي إلى انقرض بعضها.
وأعلنت الحكومة الأسترالية أنها ستخصص 50 مليون دولار أسترالي (5.34 مليون دولار أميركي) لدعم الحياة البرية واستعادة مواطن الحيوانات، ومن المرجح أن يزيد هذا المبلغ بعد أن تحدد السلطات الأنواع المهددة بالانقراض التي تحتاج إلى إجراءات طارئة أولا.ويقود لينترمانز دراسة تتناول الأولويات الخاصة بالأسماك وسرطان البحر.
وقد يهمك ايضا: