الرباط - المغرب اليوم
تشهد الواردات المائية السطحية بالمغرب تذبذبا كبيرا، وهو ما تم رصده من خلال الدراسات المُنجزة منذ منتصف القرن العشرين، إذ تميزت هذه الفترة إلى غاية بدائية الألفية الحالية بمواسم سُجّلت فيها تساقطات مهمة، وبالموازاة شهدت التساقطات في مواسمَ أخرى تراجعا كبيرا.
وانطلاقا من تحليل المُعطيات الإحصائية المتعلقة بالتغيرات الزمنية في الواردات السطحية العامة بالمغرب، من 1956 إلى سنة 2010، خلُصت ورقة تحليلية للخبير البيئي حميد رشيل، عضو جمعية المنارات الإيكولوجية من أجل التنمية والمناخ، إلى أن الجفاف الهيدرولوجي الذي يعاني منه المغرب أصبح مسترسلا ومتواصلا.
وذهب الخبير البيئي إلى القول إن الخصاص المائي الذي يشهده المغرب “أصبح عنيفا وشديد الحدة”، وأدى إلى تراجع الواردات المائية السطحية بالمغرب بنسب كبيرة جدا.
ولم تكن الواردات المائية السطحية التي يتوفر عليها المغرب خلال الموسم 1955-1956 تتعدّى 5.4 مليارات متر مكعب، وخلال الفترة ما بين 1968 و2010 عرفت تذبذبا، إذ ظلت تتراوح ما بين 32 و45 مليار متر مكعب، مع تسجيل مواسم عرفت فيها التساقطات تراجعا كبيرا، كما هو الحال في الموسم 1992-1993، الذي لم تتعدّ فيه التساقطات 2.9 مليارات متر مكعب.
واعتمد المغرب مجموعة من التدابير لمواجهة شحّ التساقطات المطرية، منها بناء السدود في مختلف الجهات لتدبير الموارد المائية الوطنية، واعتماد نظام الحكامة المبني على وحدة الحوض المائي لتدبير المورد المائي وتدارك الفوارق المجالية الكبيرة.
واعتبر الخبير البيئي حميد رشيل أن بناء السدود ساهم بشكل ملموس في تخزين المياه المتساقطة والسطحية، في حين أن التدبير الثاني المتعلق بنظام الحكامة عرف عراقيل عدة تمثلت في عدم نضج صلاحيات كل فاعل مؤسساتي له علاقة بالماء، فنتجت عن ذلك اختلالات كبيرة.
وكان الملك محمد السادس دعا إلى وضع البرنامج الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي 2020 – 2027 لتلبية الطلب المتزايد على الماء، بتكلفة قدرت بحوالي 115 مليار درهم.
ومن المحاور الأساسية التي يقوم عليها البرنامج المذكور استمرار بناء السدود، وتدبير الطلب وتثمين الماء، خاصة بالقطاع الفلاحي، وتقوية التزويد بالماء الصالح للشرب بالوسط القروي، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة لسقي المساحات الخضراء، والتواصل والتحسيس من أجل ترسيخ الوعي بأهمية الحفاظ على الموارد المائية وترشيد استعمالها.
ورغم الخطط المتخذة لتدبير الموارد المائية لمواجهة التساقطات المطرية غير الكافية، أشار الخبير حميد رشيل إلى أن المغرب احتل المرتبة 22 في قائمة الدول الأشد نقصا في المياه حسب التقرير الصادر عن المعهد الدولي للموارد سنة 2019.
وأشار رشيل إلى أن البرنامج الأولوي الوطني للتزود بالماء الشروب ومياه السقي واجهته عدة معيقات، خاصة بالمدن الكبرى، من ضمنها تزايد الطلب على المياه، وتوسع المراكز الحضرية، وتطور النشاط الصناعي، وشيوع سلوكيات استهلاكية غير مسؤولة ولا تحافظ على الماء.
واستنادا إلى المعطيات التحليلية التي قدمها الخبير ذاته فإن العوائق التي قال إنها تواجه البرنامج الوطني الأولوي للتزود بالماء الشروب ومياه السقي تسببت في تراجع النمو الاقتصادي للمغرب إلى نسبة 3 في المائة سنة 2018، كما تسببت في تراجع إنتاج الحبوب بالمغرب بنسبة 49 في المائة سنة 2019.
قد يهمك ايضاً :
مبادرة شبابية تنقب عن المياه الصالحة للشرب في الدواوير الجبلية