الدار البيضاء - جميلة عمر
نظمت نساء الحسيمة على إثر فعاليات الدورة الرابعة لمهرجان "بويا" النسائي للموسيقى، المنظم من قبل جمعية "تيفيور" والمتواصل إلى غاية الأحد المقبل، ندوة حول "المساواة بين الجنسين وفق الفصل 19 من الدستور المغربي" في الحسيمة.
وأكدت الإعلامية وعضو المكتب السياسي لحزب "الأصالة والمعاصرة" سهيلة الريكي، أنه لا يمكن الحديث عن المساواة بين الجنسين في أرض الواقع في المغرب، بالرغم من مرور أربعة أعوام على إقرار دستور 2011، وأن هذا الأخير ما زال أفقًا تفصل عنه مجهودات كبيرة، وما التأخير في إخراج قانون حماية حقوق النساء من قبل الحكومة إلا دليل على ذلك.
وأضافت أنه لا يمكن الحديث عن المساواة بين الجنسين في غياب الكرامة والعدالة الاجتماعية للمواطن المغربي، متسائلة في الوقت ذاته عن الإرادة السياسية الحقيقية في إقرار حقوق النساء في المغرب، مشيرة إلى أن الحزب الحاكم قام باستنفار المجتمع وإرهاب علمائه ومؤسساته، بعيد إثارة قضية المساواة في الإرث بين الرجل والمرأة من قبل المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخرًا، لتخلص إلى عدم الرهان على الدستور في ظل عدم تغيير المرجعية الثقافية الذكورية السائدة لدى جزء كبير من المجتمع وعدم توفر الإرادة السياسية لدى الحكومة الحالية.
ومن جهته أثار الباحث محمد بنيوسف، التناقضات التي يتضمنها الفصل 19 من الدستور، والذي ينص على أنه "يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها".
وأشار بنيوسف، إلى أهمية مبدأ سمو الاتفاقيات والمواثيق الدولية في ظل اشتراط الفصل 19 خضوع وملائمة هذه الاتفاقيات والمواثيق التي صادق عليها المغرب، لثوابت المملكة وقوانينها العادية.
وأفاد بأن مبدأ سمو الاتفاقيات والمواثيق الدولية لا معنى له إن خضع لدستور وقوانين البلاد العادية التي تحرم حق المرأة في المساواة مع الرجل، ليخلص إلى أن الفصل 19 واجهة فلسفية موجهة للخارج وليس للمجتمع المغربي، بغرض الاستهلاك الإعلامي، بعيدًا عن إقرار المساواة بين الجنسين حقيقة في أرض الواقع على كل المستويات.
وبخصوص المحامية ورئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان في الحسيمة الناظور السيدة سعاد الإدريسي، فإنها ركزت على دور الاجتهاد القضائي في حماية حقوق النساء.
وشددت الإدريسي على أن واقع المرأة في دهاليز المحاكم لا علاقة له بالفلسفة القانونية ولا بالنقاش القانوني الساري حتى، بل ما زالت المرأة المغربية محرومة من أبسط الحقوق الأساسية لظروف اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، فبالأحرى المساواة في جميع الحقوق مع الرجل.
وبيّنت أنه بالرغم من أن مدونة الأسرة خلخلت العقلية الذكورية، والصورة النمطية للمرأة نهاية تسعينيات القرن الماضي، فإن أحلام هذه المدونة تبخرت بعد 16 عامًا من إقرارها، وتحولت إلى سراب حسب زعمها.
ولفتت إلى أن مساطر التنفيذ للمدونة تعتريها ثغرات كبيرة في المغرب، مما يحرم النساء من حقوقهن، لتخلص إلى أن الدستور المغربي فلسفة عامة، يجب استحضار توصيات الحركة النسائية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان في القوانين التي تنزل المقتضيات الدستورية.
وقدمت البرلمانية البلجيكية السابقة من أصل مغربي والحقوقية فتيحة السعيدي، قراءة مقارنة بين التجربة المغربية والتجربة الأوربية، حيث وقفت على ضرورة تشبع المجتمع المغربي بثقافة حقوق الإنسان، وانخراط الرجل المغربي في الدفاع عن حق المرأة المغربية على كل المستويات، مع استحضار دور قنوات التنشئة المجتمعية من المنظومة التعليمية، والإعلامية، والمجتمع المدني.
وركزت السعيدي، على ضرورة عزل الدين عن الدولة لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة على نحو أمثل كما هو الشأن مع دول الإتحاد الأوروبي
وخلصت المتدخلات والمتدخلون في هذه الندوة إلى أنه لا يمكن الرهان على الفصل 19 من الدستور المغربي، لإقرار المساواة بين الجنسين في المغرب، لتضمنه مقتضيات متناقضة.