الجزائر - سميرة عوام
ترتبط "البوقالة" الجزائرية خلال السهرات التي تجمع العائلات في المناسبات الدينية، لاسيما رمضان، وكذلك ليالي الشتاء الطويلة، بالتراث الشعبي القديم، حيث تستغل النساء والفتيات تلك "البوقالة" لمعرفة حظوظهن في الزواج والحب، وكذلك المستقبل القريب والشوق والفراق.وتتكون "البوقالة" من عبارات تنسج على منوال واحد،
وتحمل معان كثيرة، ترمز إلى قوة الحكمة، التي تملكها المسنات والجدات اللواتي يجتمعن مع الفتيات والعازبات، وحتى النساء المتزوجات؛ لتبادل الحديث والتمتع بـ"البوقالة"، وتشبهها بعض العائلات الجزائرية بالأبراج؛ لأنها تتلاءم ودوران الأرض والكواكب.
وأكَّدت أستاذة علم الاجتماع في جامعة الجزائر، السيدة خيرة، أن "البوقالة الشعبية تعتبر مكسبًا مهمًا يدخل في مكونات التراث الشعبي، وهي شبيهة بالخرافة والأساطير القديمة، إلا أن الجميل في تلك اللعبة الشيقة هو أنها تتوفر على عبارات مسترسلة، تحمل معان كثيرة، والقليل من يفهم الحكم المستوحاة منها؛ لأنها من نسج الأجداد".
وعن طريقة عقد "البوقالة" أضافت خيرة، أنه "تتوسط امرأة مُسنَّة الفتيات والعازبات، وتطلب منهن أن تنوي كل واحدة ما تريد وتنتظر حظها واحدة تلوى الأخرى، وقبل ذلك تنطق العجوز بعبارة أحيانًا, تتطابق وأحوال الشخص الذي طلب "البوقالة" وأحيانًا أخرى تُقدَّم من أجل التسلية والترفيه على النفس".
وأوضحت أن "المشهد كان قديمًا كذلك، أما حاليًا فالبوقالة ورغم حفاظها على متنها اللغوي وصياغتها الشعبية، إلا أنها لن تعد كالسابق، فهي ليست بحاجة لهذا الديكور، أو تلك الطقوس، ولم تعد تقتصر على تلك المناسبات من أفراح أو سهرات رمضانية، فيكفي حاليًا أن تمسك الفتاة "مراسة" جمعت فيها عددًا من "البوقالات" المرقمة؛ لتختار صديقاتها أرقامًا للحظ، توافق تلك "البوقالات"، وتضع كلٌّ منهن في نيتها شخصًا معينًا تعنيه بالمقولة، وما أجمل أن توافق "البوقالة" أهواء من يسمعها لتبث في نفسه بعض السعادة والتفاؤل".
وأشارت إلى أنه "رغم تطور الحياة، وبروز بعض مظاهر التكنولوجيا، إلا أن المرأة الجزائرية مازالت تحن إلى "البوقالة" الشعبية للتخفيف من ضغوط العمل، وتعقيدات الحياة الاجتماعية، والتي باتت ثقيلة بهمومها".