الدار البيضاء: سعيد بونوار
الدار البيضاء: سعيد بونوار
تفضل الأسر المغربية الحلويات المغربية من "الشباكية" و الفطائر (المسمن) و(البغرير)، ولا يمكن أن تتم فطورها في شهر رمضان من دون تلك الأصناف المغربية الشهيرة ، أما الأسر الفاسية فتفضل نوع "عمامة القاضي"، ورغم أن تلك الأصناف كانت تصنعها النساء المغربيات في بيوتهن إلا أن الأمور قد تغيرت بين الأمس واليوم، فربات البيوت أصبحن يفضلن اقتناء
مائدة الإفطار جاهزة من السوق"، ويبدو الباعث واضحا، فعمل المرأة وزحام المواصلات بات يحرم عليها دخول المطبخ لإعداد وجبة الإفطار.
هذا ويشتكي أرباب المخبوزات العصرية من منافسة "بائعات البغرير"، إذ تستقطب هؤلاء أعدادا كبيرة من المشترين الراغبين في إنتاج شعبي رخيص، وغالبا ما يرفعون شكواهم إلى السلطات التي تكتفي بطمأنة هؤلاء، ونادرًا ما تمنع هؤلاء النسوة من عرض منتجاتهم احترامًا لرمضان وللأجواء المفعمة بكل ما هو اجتماعي.
ويذكر أن الحاجة رحمة هي واحدة من عشرات النساء اللواتي لا ينمن في رمضان، إذ تمضي ليلها في إعداد الفطائر رفقة مساعدتين لها، ولا تتوقف إلا مع قرب السحور، وتتولى بعد ذلك إعداد الوجبة للأسرة، وبعد الصلاة تنام، وفي تمام 9 صباحا تفتح المحل أمام المشترين الذين يتواصل توافدهم إلى وقت آذان صلاة المغرب.
فتؤجل نومها العادي إلى ما بعد رمضان، وتفضل أن تظل يقظة كما لو أنها جندي على الحدود طيلة أيام الشهر الكريم، وبالكاد تسرق سويعات نعاس بعد صلاة الفجر قبل أن تهرع إلى محلها الصغير في سوق "البلدية" الشعبي (وسط الدار البيضاء)، تشعر الحاجة رحمة بارتياح كبير خلال رمضان وتتمنى لو أن العام كله كان رمضان ففيه يتضاعف مدخولها من بيع الحلويات المغربية، وعلى مائدة الإفطار اليومي تلتقي بأبنائها الذين يحتفظون لها بالتقدير الكبير منذ أن توفى والدهم وتركها في مواجهة ضمان قوت ستة أبناء أكبرهم يعمل مستخدما في معمل للنسيج والباقون في سنوات التخرج.
هذا و لم تشأ رحمة التوقف عن العمل والعودة إلى البيت، فالزبائن يتهافتون عليها منذ سنوات ويكفي أن تسأل عن "أمي رحمة" ليدلوك على محلها في الحي المذكور، فيما آثرت الحاجة رحمة مواصلة تحضير وبيع الفطائر رغم اعتراض بعض أبنائها.
ومن جانبها تقول الحاجة رحمة:" لدينا زبائن كثيرون، النساء المغربيات ومع عمل كثير منهن واضطرارهن إلى الوصول متأخرات إلى بيوتهن بسبب زحمة المواصلات ويفضلن اقتناء الفطائر من السوق".
وتضيف:"أضطر رفقة المئات من المغربيات إلى العمل ليل نهار من أجل مواجهة كثرة الطلب على الفطائر المعدة والمحضرة بشكل تقليدي وهو الطلب الذي يتضاعف في الشهر الفضيل".