بغداد – نجلاء الطائي
أظهرت دراسة حديثة أجراها مركز " الراي للبحوث والدراسات " عن ازدياد حالات الإدمان على ممارسة السحاق لدى النساء العراقيات.
وتقول الدراسة التي اجرتها ناشطات نسويات لحساب المركز، ان نسب انتشار الشذوذ الجنسي بين الفتيات "السحاقيات" في العراق, بلغت 14% وهي نسبة تقديرية من عدد الاناث داخل البلاد.
منار فتاة تبلغ من العمر اربعة عشر عاماً, كانت تدعو صديقتها سلمى وهي بنفس عمرها إلى منزلها بين فترة واخرى لتمارس الشذوذ معها, مستغلة عدم وجود والديها, لكنها تفاجأت هذه المرة بوالدتها التي عادت صدفة لأمر ما وهي تفتح باب الغرفة.
وكشفت احصائية بالاستعانة بخبراء في الاحصاء عن نسب انتشار الشذوذ الجنسي بين الفتيات "السحاقيات" في العراق, اذ بلغت نسبتهن التقديرية 14% من عدد الاناث داخل البلاد.
وأعلنت منظمات مجتمع مدني عراقية، عن ادراجها قصة السحاقيات ضمن برامجها التوعوية، وأكدت ان منتسبيها من النساء، سيبدأن بحملة تحذير في محافظات العراق، بمخاطر هذه الممارسة وآثارها السلبية.
وقالت رئيسة جمعية "الأمل" العراقية، هناء ادور إن "قصة السحاق ادرجت ضمن برنامج توعوي، وستبدأ الناشطات في مجال المجتمع المدني بنشر حملة توعوية للتثقيف بمضار هذه الظاهرة، وممارسة هذا النوع من الشذوذ وتأثيراته".
وأضافت ادور، آن حملة التوعية "ستشترك بها منظمات مجتمع مدني، بحسب رغبتها والحاجة الى ذلك في المحافظات العراقية"، موضحة، ان "منظمات المجتمع المدني، معنية بتصحيح السلبيات في المجتمع العراقي، والحفاظ على الشباب والشابات من الممارسات التي تتسبب بتدميرهم، وتحد منها بشكل يحفظ الأجيال المقبلة".
ومنار واحدة من الفتيات اللاتي يمارسن "السحاق". فقد شاهدت والدتها بالصدفة من ثقب الباب عارية مع فتاة زميلة لها في العمل في غرفة نومها, يحتضنان بعضهما البعض بقوة ويتبادلان القبل، وكانت تبلغ من العمر حينها 12 عاماً, وبعدها راقبت منار والدتها في كل مرة تزورها هذه الفتاة, وقالت لـ"شفق نيوز"، "بعد ذلك بدأت اشعر بالإثارة وابحث عن فتاة لأمارس السحاق معها".
ومنار ليست الضحية الوحيدة للممارسات السحاقيات, ف قدكشفت نتائج البحث عن أن 60% من السحاقيات داخل العراق متزوجات واغلب بناتهن يمارسن السحاق ايضا.
والسحاقيات داخل العراق لا يعزفن عن الزواج بسبب الاعراف والتقاليد في البلاد, التي تخلق لدى المجتمع نظرة متدنية بأتجاه الفتاة غير المتزوجة, لاسيما اذا ما كانت عازفة عن الزواج رغم تقدم عدد من الذكور لخطبتها.
وتقول منيرة ام منار "لم اكن اريد الزواج, ولكن بعد رفضي لعدد من الشباب الذين تقدموا لخطبتي واجهت العديد من الاسئلة عن اسباب عزوفي عن الزواج, لذلك تزوجت بعد ذلك". واضافت: "لم اترك السحاق بعد الزواج, حاولت لكني لم انجح".
ولا يوجد تأريخ لبدء ظهور السحاق داخل العراق, لكن انتشاره بدأ يظهر للعيان بعد عام 2003 مع انتشار استخدام "الانترنت" والشبكات الاجتماعية كـ"الفيسبوك".
وتبين من خلال النتائج ان 90% من السحاقيات يتوزعن مابين الاقسام الداخلية للجامعات والمعاهد وبين مراكز الايتام الخاصة بالاناث, و10% منهن اما غير متعلمات او طالبات في المرحلة الثانوية.
وارتادت ام منار جامعة الانبار عام 1996 وهي بعمر 18 عاما, حينها سكنت القسم الداخلي التابع للجامعة لكونها من سكان العاصمة بغداد, وبدأ الامر معها عندما اقنعتها احدى صديقاتها في القسم بممارسة السحاق "قالت لي ما رأيك بممارسة السحاق معنا حيث أن اغلب فتيات القسم يمارسنه, فنحن لا نحتاج إلى الرجال"، قالت ام منار.
ومنذ ذلك الحين استمرت هذه الحالات بالتوسع داخل الاماكن التي تغيب فيها الرقابة, كالاقسام الداخلية للكليات والمعاهد ودور الايتام. وتقول الفتاة التي اطلقت على نفسها اسم دعاء "نحن في القسم الداخلي نمارس السحاق، ما اجمل الاحساس بعدم الحاجة للرجال".
واضافت دعاء التي طلبت عدم نشر معلومات عن القسم الداخلي او الى اي جامعة ينتمي "قبل عام كنا نمارس السحاق في ما بيننا فقط نحن بنات القسم الداخلي, لكن الان اشركنا فتيات من خارج القسم بالاستعانة بالانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي".
وتنتشر ايضا في مراكز الايتام ظاهرة السحاق بين الفتيات, ولكن بشكل اقل بسبب اختلاف طبيعة المكانين من حيث استقطاب الفتيات.
وتقول ناشطة في مجال حقوق الانسان رفضت نشر اسمها لحساسية الموضوع "اغلب الفتيات في مراكز الايتام ان لم اقل جميعهن سحاقيات".
ومنار التي بدأت بممارسة السحاق تقليدا لوالدتها, لم تكتفِ بصديقتها سلمى, وانما في بعض الاحيان كانت تمارس السحاق مع فتيات اخريات عبر مواقع التواصل الاجتماعي, من خلال الكاميرا واللاقط الصوتي على جهاز الكمبيوتر وتقول "الممارسة اقل اثارة على مواقع التواصل الاجتماعي لكنها ممتعة ايضا".
وبحثت "العرب اليوم" على شبكة الانترنت ووجدت عشرات المنتديات التي تحوي مواضيع عن السحاقيات في العراق, وكل موضوع من هذه المواضيع كان يتضمن ردود ما يقارب 150 سحاقية عراقية.
وتضمنت ردود السحاقيات على هذه المواضيع دعوات لممارسة السحاق "انا سارة سحاقية من بغداد, امارس السحاق مع صديقتي وارغب بفتاة تمارس معنا السحاق الجماعي"، هكذا جاء احد الردود.
"انا سحاقية من تكريت, ارغب بفتاة تمارس السحاق معي, شرط ان تكون من تكريت وتفتح كام (كاميرا كمبيوتر) او مايك (لاقط الصوت في الكمبيوتر) اولا، الرجاء عدم اضافتي من الشباب"، هكذا جاء رد اخر.
فيما تعدّ عملية اقناع فتاة بممارسة السحاق بحسب منار من اصعب الامور التي تواجه السحاقيات, وتوضح ان "اصعب امر تواجهه السحاقية هو اقناع فتاة بممارسة السحاق".
في البداية, لم تقبل سلمى بممارسة السحاق مع منار رغم محاولاتها المتكررة, فدعتها الى منزلها واقنعتها بممارسة الجنس مرة واحدة للتجربة, ووعدتها بعدم معاودة الكرة ان لم تعجبها, فوافقت سلمى وبينت منار "بعدها مارست السحاق مع سلمى كل يوم تقريبا".
وتضيف "انا وسلمى بدأنا بممارسة السحاق مع فتيات اخريات, تعرفنا عليهن عبر موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك".
ووجدت "العرب اليوم" على شبكات التواصل الاجتماعي حسابات للسحاقيات العراقيات, بأسماء مختلفة منها "سحاقيات عراقيات" و"سحاقية عراقية" وغيرها, فيما وجدت ايضا مدونات لهن.
وتتضمن مواقع التواصل الاجتماعي العديد من النقاشات والردود من قبل سحاقيات عراقيات حول المواضيع التي تتعلق بالممارسة الجنسية فيما بينهن "انا شاذة جنسيا واعتقد بأنه لا يوجد علاج للشذوذ واتحدى اي فتاة تقول بانها تعالجت من الشذوذ, فانا مثلا عندما ارى رجلا عاريا اتقزز بينما عندما ارى فتاة قوية الشخصية تسري القشعريرة في نفسى واتمنى ان اكون معها، تفعل بي ماتشاء"، هكذا ورد الرد من احدى السحاقيات على الفيس بوك.
وبدأت ام منار بمراجعة اطباء نفسيين من اجل عدم ممارسة السحاق مرة اخرى, وتقول "لو كنت اعلم عندما اقنعتني صديقتي بممارسة السحاق اول مرة ان ابنتي ستمارس السحاق لما مارسته".
وتضيف "انه كالمخدرات بعد الممارسة الاولى من الصعب جدا تركه, لكن بعد ما شاهدته من ابنتي تمنيت الموت، وحاليا انا لا امارس السحاق".
وافضل طريق للحد من انتشار السحاق بين الفتيات بحسب خبراء في علم النفس هو نشر التوعية بمخاطر هذه الممارسة, ووضع رقابة اجتماعية في الاماكن التي تغيب فيها رقابة الوالدين, كالاقسام الداخلية في الكليات والمعاهد ومراكز رعاية الايتام.
ويقول الخبير في علم النفس والاجتماع صبيح عبد المنعم ان "الرقابة تمنع اتصال السحاقيات بالفتيات الطبيعيات, وهذا يحد من انتشار الظاهرة".
ويضيف عبد المنعم ان "انتشار الظاهرة لا يعدّ مشكلة اذا ما تمت مقارنته بمشكلة تعلم البنات ممارسة السحاق من امهاتهن الشاذات جنسيا, وفرض الرقابة يحد من هذه المشكلة الكبيرة ايضا, ومن المفترض تشريع قانون يحدد هذه الرقابة والياتها".
ولم تمانع الجهة التشريعية الممثلة بمجلس النواب من تبني معالجة هذه الظاهرة, وقالت عضو لجنة حقوق الانسان في مجلس النواب اشواق الجاف "نتمنى أن نحصل على المعلومات اللازمة حول انتشار ظاهرة السحاق في العراق, لنشرع في معالجتها".
وزارة التربية الجهة المسؤولة عن التعليم في المرحلتين الابتدائية والثانوية, اكدت ان هذه الظاهرة ليس لها وجود في المراحل التي تقع تحت مسؤوليتها.
وقال وكيل وزارة التربية نهاد الراوي "لا وجود للسحاقية في المرحلة الابتدائية او الثانوية".
واضاف "اذا كانت مثل هذه الظاهرة موجودة في المرحلة الابتدائية او الثانوية وتتوفر معلومات بشأنها, نرجو ارسالها للوزارة لنقوم بمعالجتها".
ورغم ترك ام منار لممارسة السحاق بعد ما شاهدت ابنتها وهي تمارس هذا النوع من الشذوذ, الا ان منار لم تنحَ منحى والدتها, وقالت "لن اترك ممارسة السحاق لكني لن اتزوج, لكي لا أقع بنفس الخطأ الذي وقعت فيه والدتي".