الرباط _ المغرب اليوم
صُورهن جالت كل أنحاء العالم وتناقلتها وسائل الإعلام العربية والدولية؛ نساء نحيلات، ثيابهن رثة، يحملن أكواما من السلع على ظهورهن. منحنياتٌ وجوههن دانية من الأرض، وملامحهن شاحبة تحكي عن معاناة جامحة. اضطررن للاشتغال في حمل الأثقال، ونقل السلع من سبتة الخاضعة لإسبانيا، إلى مدن مغربية متاخمة. نساء بسيطات، يعشن الفقر المدقع، يعتمدن على قوتهن البدنية، التي تغنيهن عن مد أيديهن للسؤال.
وازداد هذا الوضع سوءًا مع الإغلاق المفاجئ للمعبر الحدودي بين جيب سبتة وشمال المغرب، مما خلق أزمة اقتصادية واجتماعية على جانبي الحدود، وذلك منذ ديسمبر 2019. فأصبح الوضع المعيشي لسكان المنطقة هشا وينذر باحتقان اجتماعي.وفي هذا الإطار، شرعت السلطات المغربية، بمنطق المضيق الفنيدق والوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك) في إبرام عقود العمل لفائدة النساء المتضررات من الأزمة الاقتصادية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا وإغلاق معبر باب سبتة.وفي تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية"، أبرزت سارة صويلاح المكلفة بالتواصل والعلاقات العامة في وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال، أن عملية إدماج هؤلاء النساء تدخل في إطار برنامج مندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لمنطقة المضيق الفنيدق وإقليم تطوان.وتابعت قائلة "يعتمد هذا البرنامج على ثلاثة محاور أساسية؛ أولها بناء منطقة للأنشطة الاقتصادية بمدينة الفنيدق، ستفتح أبوابها قبل نهاية السنة الجارية. وهي عبارة عن مجموعة من المستودعات ستستقبل السلع التي ستصل عن طريق ميناء طنجة المتوسط، ليتم تخزينها ثم نقلها للسوق الوطنية والإفريقية."وتضيف المتحدثة أن المحور الثاني يتعلق بوضع آليات تحفيزية أطلقتها الدولة، بتعاون مع شُركائها، لتشجيع رجال ونساء الأعمال على الاستثمار في مناطق الشمال، عن طريق توفير عدد من التسهيلات لهم، تتعلق بالعقارات والنقل. "
وقد نجحنا إلى حدود الساعة في استقطاب ثلاث شركات للنسيج، وننتظر قدوم شركات أخرى تشتغل في قطاع الصناعات الغذائية".وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشركات تشغل حاليا 820 شخصا معظمهم نساء، كما تم تشغيل أزيد من 500 شخص في الإنعاش الوطني بتطوان والمضيق والفنيدق.وعرجت سارة صويلاح على المحور الثالث لهذه الخطة، مؤكدة أن الدولة أطلقت مشروعا لتشجيع النساء وسكان المنطقة عموما على تأسيس مشاريعهم الخاصة عن طريق دعم المقاولات الذاتية والتعاونيات والمقاولات الصغرى، بمِنح تتراوح بين 50 ألف درهم (5 آلاف دولار) وقد تصل إلى 300 ألف درهم (30 ألف دولار)، وقد تم إنشاء صناديق دعم لهذا الغرض، وبلغنا إلى حدود اليوم ل210 من المشاريع الممولة.من جانبه، أكد ياسر باداو، مستشار الشغل بوكالة (أنابيك) في المضيق الفنيدق، في تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أنه تم تهيئ الظروف لإنجاح العملية، وذلك بتعاون مع السلطات الإقليمية في المضيق الفنيدق، حيث تم نشر عدد من مراكز القرب لاستقبال المستفيدات.وتابع "نسهر على القيام بمقابلات لتشخيص وضعية النساء المستفيدات بهدف تسهيل توجيههن وتمكينهن من الاستفادة من عروض العمل المتوفرة".وتندرج هذه العملية في إطار تنزيل البرنامج المندمج للتنمية الاقتصادية والاجتماعية لإقليم تطوان والمضيق الفنيدق، وخاصة المحور الثاني المتعلق ببلورة وإحداث آليات من أجل جلب الاستثمارات بمنطقة الأنشطة الاقتصادية "تطوان بارك".وكان آلاف المغاربة، رجالا ونساء، يعبرون ذلك المركز الحدودي يوميا لنقل البضائع لحساب تجار يبيعونها في مدينة الفنيدق المجاورة ومنها إلى أسواق في مختلف المدن المغربية، مستفيدين من الإعفاء من الرسوم الجمركية، خلافا لناقلي البضائع في سيارات أو شاحنات.وفي حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، قال رشيد لزرق، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة ابن طفيل القنيطرة : "إن المغرب يعاني من الاقتصاد غير المهيكل. والتهريب مشكلة بنيوية. ومسؤولية الحكومة هي توفير البديل لهؤلاء النسوة. لأن إعمال المقاربة الأمنية أو غيرها دون إقرار مبادرة تنموية غير كافٍ".ونوه لزرق إلى مسؤولية الحكومة الإسبانية أيضا في هذا الملف، لأن "المغرب لا يمكنه أن يلعب دور الدركي لصالح أوروبا. لافتا إلى أن النساء هن ضحايا الفقر بالدرجة الأولى بالإضافة إلى الأطفال، لذا يجب على الدولة المغربية إلى جانب جارتها الشمالية، وضع خطة اجتماعية لصالحهن، وإيجاد بدائل حقيقية لهن، عن طريق إحصائهن بشكل مضبوط، وتشجيع المقاولين والمستثمرين على الاستثمار في تلك المنطقة، وخلق فرص شغل تحفظ كرامتهن".
قد يهمك ايضا
تواصل احتجاجات إغلاق معبر سبتة وانتظار البديل الاقتصادي
أحزاب يسارية تدعو إلى فتح المعبر الحدودي بين مدينتين سبتة والفنيدق