الرباط - كمال العلمي
كشفت دراسة حديثة أصدرتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (إسكوا) أنه من المتوقع أن تنخفض نسبة الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة في المغرب إلى 17.9 في المائة من مجموع السكان بحلول سنة 2050، بعدما كانت تمثل هذه الفئة العمرية ربع مجموع الساكنة برسم سنة 2020.في مقابل ذلك، سجلت الدراسة ذاتها، المعنونة بـ”التمكين الاقتصادي للمرأة في الدول العربية: تنمية اقتصاد الرعاية، دراسة حالة عن اقتصاد الخدمات والرعاية المقدمة إلى المسنين بالمغرب”، توقعاتها بارتفاع نسبة الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 سنة إلى 15,5 في المائة سنة 2030، و23,2 في المائة بحلول سنة 2050، لتصل إلى 10 ملايين نسمة من مجموع السكان بالمملكة.
وبالنسبة إلى الأشخاص “الأكبر سنا” الذين تبلغ أعمارهم 70 عاما أو أكثر فمن المتوقع أن يتضاعف عددهم بمعدل أربع مرات تقريبا ما بين سنتي 2014 و2050، ليصل إلى 5 ملايين نسمة بحلول هذه الأخيرة. الأمر ذاته بالنسبة للأشخاص “المتقدمين جدا في السن”، الذين تبلغ أعمارهم 80 سنة وأكثر، إذ سيصل عددهم إلى 1,47 مليون نسمة بحلول سنة 2050، أي بارتفاع بمعدل ثلاث مرات مقارنة بأرقام سنة 2014.
النساء أكثر رعاية للمسنين
ساهم القانون رقم 65.15 المتعلّق بمؤسسات الرعاية الاجتماعية الصادر عام 2018، وفق الدراسة ذاتها، في تمهيد الطريق لأشكال جديدة من الخدمات، متيحاً للقطاع الخاص إمكانية المساهمة في توفيرها. ويشكل هذا القانون منعطفاً هاماً في مسار توفير خدمات الرعاية للمسنين في المغرب.غير أن هذه الخدمات، تؤكد الدراسة، “لا تلبي احتياجات المجتمع إلا بقدر محدود، وبالتالي يقع العبء الأكبر على التضامن الأسري، الأمر الذي يطرح تحديات كبيرة أمام مقدمي الرعاية، لاسيما النساء منهم”. وتؤكد البيانات المجمعة أنه “في الأجيال الأكبر سناً غالباً ما يكون فارق العمر بين الزوجين كبيرا، وبالتالي عادةً ما تضطلع الزوجة، الشابة نسبياً، برعاية الزوج المسن قبل أن تصبح أرملة في ما بعد، والعكس ليس صحيحاً”.
وتفيد المعطيات بأن “الزوج الأرمل، وإن كان مسناً، غالباً ما يُقْدِم على الزواج مرة أخرى”، مردفة بأن تأنيث المساعدة يتعلق أيضاً بـ”الرعاية اليومية المقدّمة إلى الوالدين المسنين، فحتى عندما يعيش الوالدان (أو أحدهما) مع واحد أو أكثر من أبنائهما، تقع مسؤولية الرعاية على عاتق زوجات الأبناء، أو حتى الحفيدات”.
وتؤكد المعطيات ذاتها أن الأسر المغربية غالبا ما تحاول “تنظيم نفسها لتختار من بين أفرادها شخصاً، وبشكل أكثر تحديداً امرأة، لديها الوقت الكافي، وبالتالي لا تمارس نشاطاً مهنياً، لرعاية أحد الوالدين المسنين غير المستقلّين”، وزادت مستدركة: “لكن بات من الشائع اليوم أن تواجه النساء الناشطات مهنياً مشكلة اعتماد أحد الوالدين المسنين عليهن”؛ وهو يؤثر غالبا على مسارهن المهني، إذ سجلت الدراسة اضطرار بعضهن إلى إعادة تنظيم حياتهن المهنية بما يتوافق مع احتياجات الأشخاص الذين يتكفلن برعايتهن.
رؤية إستراتيجية لاقتصاد الرعاية
على المستوى المؤسسي، أوصت الدراسة بضرورة إرساء رؤية إستراتيجية وطنية مشتركة بشأن اقتصاد الرعاية، “كجزء لا يتجزأ من أي رؤية وطنية تهدف إلى التمكين الاقتصادي للمرأة، مع الاعتراف لها بعملها في هذا الإطار وتقليص مدته وإعادة توزيعه”.
وعلى المستوى الفني توصي الدراسة بضرورة “تحسين نظم الإحصاءات الوطنية، لاسيما في ما يتعلق بإدارة الوقت المتاح وأنشطة الرعاية غير مدفوعة الأجر في المغرب”؛ مع العمل على إرساء مفهوم الرعاية المنزلية كخدمة مقبولة اجتماعيا للحد من “مخاطر تعرض المسنين لسوء المعاملة غير المقصود من طرف مقدمي الرعاية”.وخلصت الدراسة التي جاءت في 41 صفحة إلى ضرورة تمكين الأشخاص الذين يرعون المسنين من التوفيق بين مسؤولياتهم الأسرية والمهنية، من خلال السعي إلى التكامل بين تحقيق الخدمات وتنظيمها على أساس احتياجات كل من الفئة المسنة ومقدمي الرعاية الأسرية.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
تلوث الهواء يتسبب في أضرار من سن ما قبل الولادة إلى الشيخوخة
التفكير بإيجابية بشأن الشيخوخة يمكن أن يخفف فقدان الذاكرة ويقلل تدهور الدماغ لدى كبار السن