نواكشوط - مختار ولد محفوض
بذلت تنلباركا أمانو البالغة من العمر 16 عاماً مجهودًا شاقاً للتكيف مع الحياة في الصحراء. فقبل ثلاث سنوات، كانت أمانو تجلس في غرفتها الخاصة في منزلها في ضواحي العاصمة المالية، باماكو وكان لديها أصدقاء في المدرسة.
وحاليًا تقيم في مخيم "مبيرا" للاجئين في جنوب موريتانيا، حيث تنام أمانو في خيمة مع والديها، وقبل النوم يجب عليها هزُّ حصيرة نومها من أجل إبعاد العقارب.
و قالت أمانو "العديد من الفتيات يتزوجن غالباً في عمر أصغر من 12 عاماً". وأضافت أنها تخطت امتحانات السنة التاسعة، مشيرة الى أنها كانت في فصل يحتوي على 54 تلميذاً منهم فقط 15 فتاة. واوضحت أمانو "هذه هي الطريقة هنا فعندما تتزوجن، فإن والديهن أو أزواجهن لا يريدون بقاءهن في المدرسة".
ويواجه 42,000 من سكان مخيم مبيرا أزمة بعد تحذير العديد من الوكالات من أنه إذا لم يتم تلبية احتياجات 14,000 من السكان الذين هم في سن المدرسة من خلال التعليم والتدريب، سوف ينضم الأولاد إلى الجماعات المسلحة وسوف تتعرض الفتيات لخطر الزواج المبكر.
ويعد مخيم مبيرا واحداً من أكبر مخيمات اللاجئين في جنوب الصحراء الكبرى الأفريقية، كما تعد مأوى للطوارق والعرب الماليين. وقال مسؤول في منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف"، طالب بويا عبد الله أن اثنين من اتفاقيات السلام التي تم توقيعها العام الماضي بين حكومة مالي والمجموعات المسلحة، باستثناء تنظيم "القاعدة"، قد زادت الضغوطات على المخيم.
ووفقا لاحصائيات الامم المتحدة، فإن 55٪ من الفتيات في مالي و34٪ في موريتانيا متزوجات قبل بلغوهن عمر 18 عاماَ. وحدث ذلك الأمر لنفيسة البالغة من العمر 16 عاماً من بلدة ليري في منطقة تمبكتو. تزوجت نفيسة عندما كانت تبلغ 12 عاماً من ابن عمها، وولكنها واجهت الكثير من العنف منه، وبعد ذلك قامت والدتها باعادة 50,000 فرنك إفريقي (64 جنيه استرليني) مهرها من أجل تطليقها، وعندما انتقلت نفيسة ووالدتها الى مخيم مبيرا في عام 2013، تبعهم وقام باغتصابها وأنجبت ولداً اسمه محمد، وهو الآن يبلغ من العمر 18 شهراً. ومنذ ذلك الوقت، اصبحت نفيسة تصاب بنوبات صرع. وقالت مسؤولة في منظمة "انترسوس"، هولياي دياوارا أن أسرة نفيسة في حاجة إلى مساعدات مادية، بالاضافة الى تقديم المشورة والرعاية الطبية والحماية.
وأضافت: "هناك طبيب نفسي يأتي من نواكشوط مرة كل شهرين وهذا غير كاف. هناك الكثير من النساء اللاتي أصبن بصدمة في المخيم. لا أحد هنا لديه حقاً المؤهلات أو الخبرة لمساعدتها. نود أن نجد عمل لها ربما في مهنة الخياطة، ولكن نفتقد للتمويل".
وكانت منظمة اليونيسيف قد اعلنت عن أن 6000 طفل من الذين لم يذهبوا إلى المدرسة اطلاقاً قد حضروا الى فصول محو الأمية في مخيم مبيرا منذ عام 2013. ولكن عبد الله يقول إن الشباب بحاجة إلى التدريب المهني. "نظرا للتكلفة العالية، تمكنا فقط من تدريب 240 منهم. الملل هو أسوأ شيء ممكن ويمكن أن يؤدي بهم إلى ادمان المخدرات أو الانضمام الى الجماعات المسلحة ".
هناك 5000 شخص فقط في مخيم مبيرا يذهبون الى المدرسة الابتدائية، كما أن معدلات الالتحاق بالمدارس الثانوية في المخيم منخفضة بشكل كارثي فلا يوجد سوى 220 تلميذاً من بينهم 51 فتاة.
وتتطلع أمانو للسنة الدراسية الجديدة، قائلة أنها على قناعة بأن والدها الموسيقار، عبد الله أمانو سوف يسمح لها بالدراسة حتى مستوى البكالوريا وما بعدها. ورداً على سؤال حول خوفها بشأن أن يتم تزويجها رغماً عنها، قالت: "أنا لا أخاف أن يحدث ذلك فوالدي سيسمح لي بأن أفعل ما أريد".